للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عاقبة فعلهم والحكمة من إيراد أخبارهم]

قال الله تعالى عن قوم لوط: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ * فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيل * إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ * وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} [الحجر:٧٤ - ٧٧] يخبر الله جلَّ وعلا بالقدرة التامة أنهم أخذتهم الصيحة بأمره جلَّ وعلا، وهي ما جاءهم به من الصوت القاصف عند شروق الشمس، وذلك مع رفع بلادهم إلى عنان السماء ثم قلبها وجعل عاليها سافلها، وإرسال حجارة السجيل عليها.

أمر الله جبريل ذي القوة المتين فاقتلع ديارهم من أصولها ورفعها إلى السماء الدنيا -حتى سمع الملائكة نباح الكلاب وصياح الديكة- فقلبها عليهم، ثم أتبعهم الله بحجارة من سجيل منضود فتلكم يا عباد الله! تلكم قرية سدوم التي أصابها ما أصابها من القلب الصوري والمعنوي، والقذف بالحجارة حتى صارت بحيرة منتنة خبيثة في طريق مهلع، مسالكه مستمرة إلى اليوم وهو المعروف بـ البحر الميت الذي لا يعيش فيه شيء.

انظروا إلى قدرة الخالق يا عباد الله! بعد أن كانت أمم تعيث في الأرض فسادا أهلكهم الله وصارت مساكنهم بحيرة ميتة لا يعيش فيها شيء.

أيها المسلمون: أتدرون لماذا ذكر الله أخبارهم في كتابه العظيم، وعلى لسان محمد صلى الله عليه وسلم؟

إنه والله ثم والله ما ذكر أخبارهم إلا لنعتبر بما أصابهم، ونحذر كل الحذر مما كانوا عليه من سوء الحال وقبح الفعال، قال الله تعالى: {وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} [هود:٨٣] أي: العقوبة ما هي ببعيدة عمن يعمل عمل قوم لوط، سبحان الله! كيف يقع ذكر على ذكر وهو يعلم أن الله جلَّ وعلا يراه وقد نهاه، بل وهو يعلم ما في ذلك من مخالفة العقل والدين وما فيه من خطر وغضب وشر مستطير وخزي وعار؟! هذا في الحقيقة فعل تترفع عنه طباع الكلاب والبغال والحمير بل والقردة والخنازير، وما ظهر اللواط في أمة إلا ذلت وأخزيت وسلب عزها، وإذا أراد الله جلَّ وعلا إهلاك قرية فسق فيها المترفون فاستحقت الخراب والدمار.

فانتبهوا أيها المسلمون! وتناصحوا، واحفظوا أولادكم، واعلموا أنكم مسئولون عنهم وعن إهمالكم لهم، اللهم وفقنا لما تحبه وترضاه، اللهم وفقنا لما تحبه وترضاه، اللهم وفقنا لما تحبه وترضاه، وجنبنا ما تبغضه وتأباه، اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا أن تهدينا لأحسن الأعمال والأخلاق وأحبها إليك، وأن تصرف عنا سيء الأعمال والأخلاق وأبغضها إليك، اللهم أصلح نياتنا وذرياتنا، واجعلنا وإياهم هداة مهتدين يا رب العالمين، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.