للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حال المسلمين اليوم]

الحمد لله مغيث اللهفات، ومحلِّ الشدائد والكربات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يعلم العلانية والخفيات، ويعلم ما نقوله في ألسنتنا وما تخفيه صدورنا، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

فيا عباد الله! قد أوجب الله على المؤمنين الجهاد في سبيله، والاعتصام بدينه الذي هو حبله المتين، والدعوة إلى ذلك، والألفة والاجتماع والتعاون على الخير والبر والتقوى، والاستعانة بالله في جميع الأمور، وقوة التوكل على الله، وعلى القيام بالمستطاع المقدور عليه من الدين والتقوى، وتعلم ما يحتاجون إليه في أمور دينهم ودنياهم من العلوم والفنون النافعة التي يحصل بها قيام الدين والأمة، والتمرن على القوة المعنوية والشجاعة الإيمانية وبالأسباب المقوية للإيمان كلها، وبالدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة ومجادلة المبطلين والضالين بالتي هي أحسن، والجهاد في سبيل الله حق جهاده، فهذه الأوامر الإلهية في القرآن في مواضع متعددة وكلها داخلة في الجهاد في سبيل الله.

ولكن يا للأسف الشديد! لقد تغيرت الأحوال، ولو خرج فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم ورأى التشتت والافتراق وكثرة الأحداث، ورأى واقع المسلمين لقال: بئس ما خلفتموني من بعدي! وما له لا يقول ذلك ونحن نُعد بالملايين وقد تداعت علينا الأمم وأصبحنا طعمة للطامعين، نحب الحياة ونكره الموت ونحن في عداد الميتين.

معذرة إلى الله، حالة المسلمين اليوم حالة تبكي لها القلوب وتتفتت لها الأكباد، ويذوب من أجلها الجماد، وكيف لا يكون ذلك وقد أذلهم الرجوع إلى الدول الكافرة في حل مشاكلهم؟ وهيهات أن يحل الكفار مشاكل المسلمين، بل هم فرحون مستبشرون بما يحصل بين المسلمين من التفرق والشتات وسوء المعاملات.

فإلى متى هذا الرقاد يا أمة الإسلام؟ تذكروا بيت المقدس ومن ساكنه الآن، أليست شرذمة قليلة ملعونة في كتاب الله؟ {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا} [آل عمران:١١٢] تذكروا إخوانكم في أفغانستان فهم يقاومون الشيوعية الحمراء، تذكروا إخوانكم في أفريقيا وقد عثا فيهم التبشير بـ النصرانية.

يا شباب الإسلام! الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل، يكفي الانحراف، يكفي الانجراف، يكفي الركض وراء المدنية الزائفة، متى الاستيقاظ؟ إلى متى هذا السهاد؟

عباد الله: صلوا على خير خلق الله محمد بن عبد الله امتثالاً لأمر الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد الذي جاء بها بيضاء نقية لا يزيغ عنها إلا هالك، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد الذي أخرجنا من الظلمات إلى النور، اللهم صلَِ وسلم وبارك عليه وزد صلاة وتسليماً إلى قيام الأبدان من القبور.

وارض اللهم عن خلفائه الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر أصحاب رسولك الشجعان أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وقوي عزيمتنا وأعزنا بالإسلام وردنا إليك رداً كريماً حتى نحذو حذوهم يا من له القدرة التامة! ولا حول ولا قوة لنا إلا بك يا علي يا عظيم.

اللهم ردنا إليك رداً جميلاً، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، عاجلاً غير آجل، في مشارق الأرض ومغاربها، اللهم أخرج المسلمين من ظلمات الجهل إلى نور العلم والمعرفة، إلى نور الإيمان والإسلام، ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعلنا وإياهم هداة مهتدين، اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء، والربا والزنا، واللواط وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.

عباد الله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل:٩٠ - ٩١] واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على وافر نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.