[التعلق والاغترار بالدنيا والانشغال بها عن الصلاة]
إخواني في الله! لا تشغلنا الدنيا عن طاعة الله، لنقنع من هذه الدنيا، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: {قد أفلح من رضي ورُزِقَ كفافاً وقنّعه الله بما آتاه} فالرسول صلى الله عليه وسلم سيد الأولين والآخرين، لم يرفع بهذه الدنيا رأساً، ربط على بطنه الحجر من الجوع وهو أفضل الخلق صلى الله عليه وسلم، مات ولم يشبع من دقل التمر -أي: رديء التمر- ولا من خبز الشعير، أثر الحصير في جنبه، ولذلك يقول الصحابة رضي الله عنهم: {يا رسول الله! لو اتخذنا لك وطاءً ليناً، فيقول: مالي وللدنيا، ما أنا في الدنيا إلا كراكبٍ استظل تحت شجرة، ثم قام وتركها}.
فهذه الدنيا يا إخواني لنعبرها ولا نعمرها إلا بطاعة الله عز وجل.
يا إخواني! إن هذه الدنيا دار ممر، ومعبر إلى الآخرة، ولكن من أعطاه الله هذا المال، فصار هذا المال صالح، فقد مدحه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: {نعم المال الصالح للرجل الصالح} لكن إذا كان الإنسان -والعياذ بالله- مشغول بهذه الدنيا يأكل بالربا يتعامل بالربا غش خداع كذب رشوة خيانة بيع للمخدرات والمسكرات والدخان بيع للمجلات الخليعة وللدشوش بيع لآلات اللهو وغيرها، كيف أحواله إذا انتقل من هذه الدنيا وترك المال لغيره، فكيف يكون حاله؟
نسأل الله -جل وعلا- أن يرزقنا القناعة في هذه الدنيا، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، واكفنا بفضلك عمن سواك.
أيها الإخواة! إذا نظرنا إلى أحوال المجتمع -الآن- تجد أنه انطبق في بعضهم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي رواه البخاري، قال صلى الله عليه وسلم: {يأتي على الناس زمان لا يُبالي المرء ما أخذ، أمن الحلال أم من الحرام؟}.
تجد الناس أكلهم مشبوه، وبعض الموظفين لا يُؤدي عمله، ويتأخر عن العمل، يأكل الربا، ويتعامل بالربا، وهذا يخادع، وهذا يخون، وهذا يأخذ الرشوة، فأصبح دخل المجتمع من المصادر المحرمة التي تدخل على كثيرٍ من الناس، فإذا رجعنا إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: {أيما جسد نبت من حرام فالنار أولى به} ويقسم صلى الله عليه وسلم ويقول: {والذي نفس محمدٍ بيده! إن الرجل ليقذف اللقمة من الحرام في جوفه لا يقبل له عملٌ أربعين يوماً} الله أكبر! لقمة واحدة، كيف باللقيمات؟ بعض الناس يأكل من حرام ولا يُبالي، نسأل الله أن يكفينا بحلاله عن حرامه.
فأقول لكم يا إخواني! أنتم الآن في زمن الإمكان في دار المزرعة في دار الدنيا في دار العبادة، الله الله بتنقية المأكل والمشرب والملبس، حتى إذا دعوت الله استجاب الله لك، إذا عملت أعمالاً صالحة أو تصدقت تقبلها الله منك، إذا دعوت أجاب الله.
نعم يا أخي! أما إذا كان المأكل والمشرب والملبس حرام، فلا يلوم المرء إلا نفسه، نسأل الله أن يردنا إليه رداً جميلاً.
اللهم اغننا بحلالك عن حرامك، وبفضلك عمن سواك.
اللهم إنا نتوسل إليك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم اشف قلوبنا من المرض، اللهم طهر قلوبنا من النفاق، وأعمالنا من الرياء، وألسنتنا من الكذب، وأعيننا من الخيانة.
اللهم املأ قلوبنا من محبتك، وخشيتك، ومعرفتك، ومن الأنس بقربك، واملأها حكمة وعلماً.
اللهم فقهنا في الدين، وأصلح أحوالنا وأحوال المسلمين، اللهم أقر أعيننا وأصلح قلوبنا بصلاح أئمتنا وولاة أمورنا، وقاداتنا وأولادنا، ونسائنا، واجعلنا جميعاً هداةً مهتدين،
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولوالد والدينا ولجميع المسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلَّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.