بعد هذا هاجر إبراهيم عليه السلام، وسأل الله جلَّ وعلا أن يهب له ولداً، فبشره الله تعالى بغلامٍ حليمٍ وهو: إسماعيل عليه السلام، وهو أول ولدٍ يولد له على ستٍ وثمانين سنة، وتركه هو وأمه في تلك البقعة المباركة حتى شبَّ وترعرع وبلغ السعي، وصار يسعى في مصالحه، وتزوج إسماعيل من جُرهم.
وبعد مدة رجع إبراهيم ووجد إسماعيل يبري نبلاً له تحت دوحةٍ قريباً من زمزم، فلما رآه قام إليه، فصنع كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد.
قال: يا إسماعيل! إن الله أمرني بأمرٍ، قال: فاصنع ما أمرك ربك، قال: وتعينني؟ قال: وأعينك، قال: فإن الله أمرني أن أبني بيتاً هاهنا، وأشار إلى أكمةٍ مرتفعة على ما حولها، فعند ذلك رفع القواعد من البيت، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني، حتى إذا ارتفع البناء، جاء بهذا الحجر، فوضعه له فقام عليه وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة، وهما يقولان:{رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}[البقرة:١٢٧].