أما المؤمنون، فتبيّض وجوههم وتثقل موازينهم بالحسنات، ويردون حوض نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، الحوض الذي هو أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، من شرب منه شربةً لا يظمأ بعدها أبداً، يمرون على الصراط على حسب أعمالهم في السرعة وعدمها، قال الله تعالى {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً}[الزمر:٧٣] يا الله من فضلك! وجوههم على صورة القمر ليلة البدر، {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ}[الزمر:٧٣] فتتلقاهم خزنتها يسلمون عليهم، ويهنئونهم بسلامة الوصول إلى دار النعيم والسلامة من عذاب الجحيم، يهنئونهم بما في الجنة من الخلود الأبدي في ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين، من نعيم القلوب والأرواح والأبدان، وتمام ذلك أن يحل عليهم الرب جل جلاله رضوانه فلا يسخط عليهم بعده أبداً، ويقال لهم: إن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبداً، وإن لكم أن تصِحُّوا فلا تسقموا أبداً، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبداً، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبداً.
ولهم نعيمٌ أجل من ذلك وأعلى، وهو التمتع بالنظر إلى وجه الله الكريم، وسماع خطابه والابتهاج برضاه، عند ذلك يقولون:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}[الزمر:٧٤].