أخي في الله: تذكر حين ينزل بك الموت، يوم يجلسون حولك وأنت تعاني من سكرات الموت، وهم يبكون وينادون بصوت يقطع نياط القلوب.
يقول الولد: هل تعرفني يا أبتاه؟ والأقارب يقولون: هل تعرفنا يا فلان؟ والميت ينظر إليهم وعيناه قد اغرورقت بالدموع، ولكن لا يستطيع الرد عليهم فقد تعذر عليه الكلام {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ}[ق:١٩]
ثم لم يلبثوا إلا قليلاً، وإذا بملك الموت قد قبض الروح ومال الأنف، وانفتح الفم، وشخص البصر.
فيا عباد الله! يا لها من ساعة يتكدر فيها الصفاء! ويتنغص فيها العيش! إذا نزل هاذم اللذات، فإنه والله أمر جلل وخطب فادح، لا بد منه لكل مخلوق.
عباد الله: اعلموا علم اليقين أنه لا بد من السفر من هذه الدار، ومن شك في ذلك فليتذكر من سبقه من الأولين والآخرين.
وكيف يحصل التذكر؟
الجواب
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{زوروا القبور فإنها تذكركم بالآخرة}.
فيا من اغتر بطول الأمل! ويا من غفل ولها وسها! تذكر هاذم اللذات، الذي ما طلب أحداً فأعجزه، ولا تحصن منه متحصن إلا أخرجه وأبرزه، قال تعالى:{وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ}[ق:١٩] إنه الموت يأتي على غرة وبدون إنذار، إنه هاذم اللذات يأتي على غرة وبدون إنذار، أما أخذ الآباء والأجداد؟ أما أخذ الشباب والأولاد؟ أما ملأ القبور والألحاد؟ أما أرمل النساء وأيتم الأطفال؟