الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فيا عباد الله: اتقوا الله عز وجل واتبعوا أوامره، واجتنبوا نواهيه.
إنما يسعد المسلمون بأن يتبعوا الحق ويدعوا إليه، ولا تأخذهم في الله لومة لائم، ويقبلوا النصيحة ممن ينصحهم، ويعملوا بها راضيةً نفوسهم، شاكرةً ألسنتهم غير مستكبرين ولا متعنتين، ولم يعمهم الهوى عن اتباع الحق، إذ بذلك تكمل لهم السعادة ويتم لهم النعيم.
رجل يأكل عند الرسول صلى الله عليه وسلم بشماله، فقال له:{كل بيمينك، قال: لا أستطيع -وهو متعافِ ولكن منعه الكبر- فدعا عليه صلى الله عليه وسلم فقال: لا استطعت! فما رفعها إلى فيه} وقد كثر المتكبرون في وقتنا الحاضر عن قبول الحق، نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يهدي الجميع إلى صراطه المستقيم.
أمة الإسلام: لا تكون السعادة في من فشا فيه داء الكبر، فاستحكم وتكبر عن قبول النصح من الناصح وإرشاد المرشد، فإن المرء إذا لم يقبل نصيحة الناصح كان راضياً عن نفسه، وإذا رضي عن نفسه عمي عن عيوبها، فلا يؤثر فيها نصحٌ ولا ينفع معها إرشاد؛ لأن الغرور متحكم فيها والشهوات محيطةٌ بها، فإذا أراد الله بعبده خيراً بصره بعيوب نفسه، فأصلحها واتهمها دائماً بالنقص، وطالبها بالكمال، حتى تلتحق بالنفوس الزكية والأرواح الطاهرة، وهكذا كان سلفنا الصالح رضوان الله عليهم، فكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول:[[رحم الله امرأ أهدى إلي عيوب نفسي]] هذا دعاء من أمير المؤمنين إلى من يبصره بعيوب نفسه وإلى من يقول له: أخطأت في كذا؟ لماذا عملت كذا؟
رضي الله عنهم وأرضاهم؛ لأنهم يفرحون إذا نبههم أحد بعيوب أنفسهم، ويعدون ذلك من باب النصيحة ولم يتكبروا.