[الصلاة وحكم تركها]
تارك الصلاة -يا عباد الله- كافرٌ ملعونٌ لا يُصلى على جنازته إذا مات، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا يورث، تارك الصلاة لا ينكح من المرأة المسلمة، تارك الصلاة لا يُآكل ولا يُشارب، بل يهجر ولا يجالس، قولوا لهم -يا عباد الله- إن كانوا يقبلون القول قبل أن ينزل بهم هادم اللذات، وقولوا للذين لم يتركوا الصلاة بالكلية إنما يصلون في بيوتهم مع النساء، قولوا لهم: يا من رضيتم بالصلاة في البيوت مع النساء! قد ارتكبتم كبيرةً من كبائر الذنوب، وقد توعدكم الله بويلٍ في جهنم {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون:٤ - ٥] قيل: هم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها لبعدهم عن جماعة المسلمين.
نعم يا عباد الله: من تهاون بالصلاة، توعده الله بـ (غي) وهو وادٍ في جهنم، من تهاون في الصلاة فقد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب، من صلى في بيته فقد ترك سنة محمد صلى الله عليه وسلم، ومن ترك سنة محمد فقد ضل، نسأل الله العفو والعافية.
وقال بعض العلماء: [[سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن رجل يقوم الليل ويصوم النهار، ولا يشهد الجمعة، ولا الجماعة، فقال: هو في النار]].
هذا حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنه وأرضاه، الصحابي الجليل، لما سئل عن رجل يصوم النهار ويقوم الليل، ولكنه لا يشهد الجمعة ولا الجماعة، قال: هو في النار ثم عاد إليه السائل بعد شهر، فسأله، فقال: هو في النار.
وفي الحديث الذي يروى مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ويروى موقوفاً على علي رضي الله عنه وأرضاه الذي قال فيه: {لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد} وجار المسجد هو الذي يسمع النداء، ولقد همَّ النبي صلى الله عليه وسلم بإحراق البيوت على الناس الذين لا يشهدون الصلاة مع الجماعة، وفي رواية، قال: {لولا ما فيها من النساء والذرية، لأحرقتها عليهم بالنار}؛ لأن النساء ليس عليهنّ صلاة جماعة، وكذلك الذرية -الصغار- الذين لم يميزوا لا يجب عليهم حضور الجماعة، وهذا الذي منع رسول الله صلى الله عليه وسلم من إحراق أولئك الذين لا يشهدون الصلاة مع الجماعة بالنار.
فلنتق الله عباد الله، ولنواصل أعمال الخير التي كنا نعملها في رمضان، حتى يتوفانا الله جلَّ وعلا وهو راضٍ عنا، قال الحسن البصري رحمه الله: [[إن الله لم يجعل لعمل المؤمن أجلاً دون الموت، ثم قرأ قول الحق جلَّ وعلا: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:٩٩]]].
وقيل لبعض العارفين -وهذه مسألة متقدمة-: إن قوماً يتعبدون ويتهجدون في رمضان، ثم إذا خرج رمضان ودعوا المساجد، وودعوا أعمال الخير، فقال: بئس القوم لا يعرفون الله حقاً إلا في رمضان.
هذه كل عاقل يقولها -يا إخوان- بئس القوم لا يعرفون الله حقاً إلا في رمضان، فإن رب رمضان رب العام كله جلَّ وعلا، فما الذي جعلك أيها الجاهل الذي لم تعرف حقوق الله عز وجل تعبد الله في رمضان، وإذا خرج رمضان انتهيت من العبادة؟ نسأل الله العفو والعافية.
إن هؤلاء ربما يكونوا عبدوا رمضان، ولم يعبدوا الله جلَّ وعلا، لأن الله قال: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:٩٩] ما قال اعبد ربك في رمضان، وإذا خرج رمضان فاطو السجادة وارفع المصحف، حتى يبني عليه الغبار إلى رمضان الثاني، ثم لا يعلم هل سيدرك رمضان الثاني أم لا؟ لا والله.
كلنا لا يدري، وكلنا لا يدري هل يصلي العصر أم لا.
وكلنا لا يدري هل نصلي هذه الفريضة أم لا.