إن هذا الفراغ الذي سيحصل للشباب بعد انقطاع العام الدراسي الذي كانوا فيه مجتهدين ومستغلين لأوقاتهم؛ لا بد أن تنعكس آثاره على نفوسهم وتفكيرهم وسلوكهم، فإما أن يستغلوه في خير وصلاح، فيكون ربحاً وغنيمة للفرد والمجتمع، ويعود نفعه على الجميع، وإما أن يستغلوه في شر وفساد، فيكون خسارة وغبناً للفرد والمجتمع، يخسر فيه نفسه ووقته، ويستغل قواه فيما يشقى به وتشقى به الأمة.
وإما أن يقضوا أوقاتهم ويضيعوها سدى، لا يعملون ولا يفيدون، أفكارهم متجمدة، وأذهانهم خاوية متبلدة، يصيرون عالة على أهلهم وعلى مجتمعهم، زيادة على ذلك إذا عدموا التوجيه السليم من الآباء والأمهات، بل بعض الآباء الذين طغت عليهم المادة هم السبب في انحراف أولادهم وفسادهم هدانا الله وإياهم، فتجد أولادهم في كل وادٍ يهيمون، ولكنهم لن يتركوا سدى، إنهم سوف يحاسبون على تفريطهم، وسوف يندمون حين لا ينفع الندم.
نعم يا عباد الله: هذا قسم من الناس فرطوا في أماناتهم وضيعوها، وعند الموت وسكراته سوف يقولون: ما أخبر الله عنهم في كتابه العزيز حيث قال: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ}[الزمر:٥٦ - ٥٩].
نعم يا عباد الله! سوف يتمنى البعض من الناس الرجوع عند الموت؛ ليستدرك ما فات، ولكن هيهات أن يجاب إلى ذلك، اسمعوا إلى قول الحق جل وعلا:{حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}[المؤمنون:٩٩ - ١٠٠] ويقول جل وعلا حاثاً على العمل الصالح قبل قرب الأجل وحلول الموت: {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}[المنافقون:١٠ - ١١].