للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أسباب الانتكاسة]

السؤال

ما أسباب انتكاس الشباب؟

الجواب

أسباب انتكاسة الشباب كثيرة، وهذه هي التي أشغلتنا الليل والنهار؛ نفكر فيها ونبحث عن العلاج، ولكن أنا أضرب لكم مثلاً: بعض القلوب الآن مثل خزان الماء الذي ترك بالفلاة مدة، ترك في البر، فهذا يأتي ويرمي فيه عجلة سيارة، وهذا يأتي ويرمي فيه (خيشة) وهذا يأتي ويرمي فيه جيفة، وهذا يأتي ويرمي فيه كذا، هذه القلوب الآن مثل الخزان، فيها التمثيليات والأفلام والمجلات والجرائد، هذه مثل جيفة، ومثل (الخيشة) ومثل عجلة السيارة، وغيرها وضعت في هذه القلوب، وصارت القلوب والعياذ بالله مزدحمةٌ بهذه البلوى، ولا تحمل شيئاً من ذكر الله، ولا من آيات الله، لقد اتصل بي شاب -وأبشركم أنه اهتدى ولله الحمد- يقول: كنت منذ التاسعة من عمري وأنا أجلس عند الأغاني، يقول: ولما بلغت الثامنة عشرة من عمري، كنت إذا سمعت الأغنية، صار عندي قشعريرة وبكاء وخشوع والعياذ بالله وإذا دخلت المسجد، يقول: أضيق حتى أخرج من المسجد أحياناً.

صدق ابن القيم وابن تيمية رحمهما الله يقولان: لا يجتمع القرآن والغناء في قلب المؤمن، فقلبك هذا وعاء يا أخي! نعم.

عندك الآن قدر تضعه على النار تأتي بقالب ثلج وتضع ماء تنضج لك قطعة لحم، متى تنضج هذه اللحمة يا عبد الله؟ إذا كان هذا قالب ثلج، وهذه لحمة ما تنضج، هذا يضاد هذا، والغالب يطرد هذا، إما أن الثلج يغلب على هذه اللحمة ولا تنضج أو العكس.

فيا أخي: تعاهد قلبك بالقرآن، واحفظ سمعك {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} [الإسراء:٣٦] أنا أحذركم ونفسي من مشاهدة الأفلام، ومن مشاهدة التمثيليات، وأحذركم ونفسي من استماع الغناء، ومن قراءة المجلات الخبيثة التي رسموا عليها الفتاة الصناعية؛ ليجتذبوا بها قلوب بعض الناس والعياذ بالله.

انظر أعداء الإسلام من الذي يساعدهم ويخطط لهم؟ إنه الشيطان وهو الذي أخرج أبانا من الجنة، وأبونا تاب الله عليه ومرجعه إلى الجنة، ولكن هذا الخبيث الذي أخرج من ملكوت السماء وطرد منها مآله إلى النار، فهو حاقد علينا يريد أن يدخلنا معه في النار، فهو إذاً يخطط لأعداء الإسلام تلك المخططات التي تأتي لنا ليلاً ونهاراً، وملأت البيوت، فإذا أردنا أن تنظف قلوبنا، ننظف الخزان -الذي قلت لكم- من هذه الشوائب نزيل (الخيشة) وعجلة السيارة والجيفة، وهي المجلة والتمثيلية والفيلم، ثم إن شاء الله تصبح القلوب واعية، وتستقبل ما يلقى إليها من المواعظ.

وأخبركم أن الشاب الذي ذكرت لكم في التاسعة عشرة من عمره -انظروا كيف هداه الله، الله قادر سبحانه وتعالى ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء- يقول: دخلت في مجال عملي أراود امرأة فلبينية، يقول: أريد أن أفعل بها جريمة الزنا، يقول: ولما أقبلت إليها متحمساً، أريد أن أقول لها، وإذا هي تقول: فلان! أريد أن تشرح لي عن الدين الإسلامي، الله أكبر! يقول: وإذا أنا أصدم بصدمة، فأنا أريد أن أراودها للزنا وهي تقابلني وتقول: أريدك أن تشرح لي عن الدين الإسلامي، سبحان الله العظيم! الله أكبر! وإن من العصمة ألا تقدر على المعصية، الحمد لله، يقول: بينت لها الذي أعرف، يقول: أنا لا أعرف شيئاً كثيراً، أنا درست في الابتدائية أركان الإسلام، وعرفت لها شيئاً، لأنه يجيد اللغة، يقول: واشتاقت إلى الإسلام، وانظروا يا إخواني! إنما الأعمال بالنيات، هو يقول: حتى أنا فرحة فرحت مع الخجل، أنها قالت: اشرح لي عن الإسلام، يقول: وبينت لها عن الإسلام، واشتاقت إلى الإسلام، وأعلنت إسلامها ولله الحمد، والآن هو ولله الحمد يبحث في الطرق الخيرية، وهو الآن يجمع من الكتب الدينية، وأخبركم أنه في إقبال على طاعة الله.

أسأل الله أن يثبتنا وإياه يقول: إذا ذكرت حالتي الأولى، جعلت أبكي، فالحمد لله، وهذا من فضل الله {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ} [الأنعام:١٢٥] الله عز وجل أخبرنا وهو لا يخلف الميعاد: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ} [الأنعام:١٢٥].

يقول بعض الناس: أنا أريد الله أن يهديني، نقول له: حسناً! ابحث -يا أخي- عن طرق الهداية، إذا مرض عندك مريض هل تتركه في البيت؟ لا.

بل تقوم وتذهب به إلى الطبيب الفلاني، ثم يذكر لك طبيب في البلد البعيد، يقول: هيا أعطنا تذكرة إلى البلد الفلاني، كل هذا لماذا؟

تبحث عن العافية من الله عز وجل، ثم من الطبيب لهذا المريض، فأنت لماذا لا تبحث عن الهداية يا عبد الله؟ توجد عند الله عز وجل، ولكن لها أسباب، ومن أسبابها: أن تبحث عن حلق الذكر، وعن مجالسة الصالحين، وعن الإكثار من قراءة القرآن، وترجع إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتكثر من ذكر الله عز وجل، ومن الاستغفار.

يقول بعض الناس: أنا عشت مدة طويلة مع الأفلام، فلذلك أضيق أحياناً لماذا؟ نقول له: ارجع إلى قول الله عز وجل: {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:٢٨] ارجع إلى ذكر الله عز وجل، ولقد ذكر لنا أن رجلاً لا ينام إلا على المخدرات، لا ينام إلا بالحبوب المخدرة، وبعضهم بمجرد ما يضع رأسه على الوسادة، ويقول: بسم الله ويسبح ويهلل، وإذا النوم داخل عيونه، ثم أتى إليهم، وقال: لماذا أنتم تنامون وأنا لا أنام إلا بحبوب مهدئة؟ أولاً: دعوه إلى الإسلام، وهداه الله عز وجل، وأخبروه بالأدعية التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم عند النوم كالتسبيح والتحميد والتكبير يسبح الله ثلاثاً وثلاثين ويحمد الله ثلاثاً وثلاثين، ويكبر الله أربعاً وثلاثين، فجعل يعمل بهذا، فما يكملها إلا وهو نائم، انظروا يا عباد الله! كان قبل لا ينام إلا بالمخدرات -نسأل الله العافية- والآن لما رجع إلى الله عز وجل، وإلى ذكر الله الذي تطمئن به القلوب، صار ينام على مجرد ذكر الله عز وجل.

فأسأل الله عز وجل أن يردنا إليه رداً جميلاً، وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه إنه على كل شيء قدير.