[الذنوب الموجبة لدخول النار]
وعن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {ثلاثة لا يدخلون الجنة مدمن خمر، وقاطع رحم، ومصدق بالسحر، ومن مات -أي: من غير توبة- مدمن الخمر سقاه الله من نهر الغوطة قيل: وما هو نهر الغوطة؟ قال: نهر يجري من فروج المومسات، يؤذي أهل النار ريح فروجهن} وأيضاً يقول صلى الله عليه وسلم: {إن على الله عهداً لمن شرب المسكرات أن يسقيه من طينة الخبال، قالوا: يا رسول الله! وما طينة الخبال، قال: عرق أهل النار أو عصارة أهل النار} فيا من هو مكب على المعاصي والذنوب! بادر بالمتاب إلى علام الغيوب، ارجع إلى ربك عز وجل، اسمع وصف النار إن كان لك قلب إن كان لك سمع يسمع.
قال الحسن رحمه الله يصف أهل النار: [[ما ظنك بقوم قاموا على أقدامهم خمسين ألف سنة، لم يأكلوا فيها أكلة، ولم يشربوا فيها شربة، حتى انقطعت أعناقهم عطشاً، واحترقت أجوافهم جوعاً، ثم انصرف بهم إلى النار، فيسقون من عين آنية، قد آن حرّها واشتد نضجها]].
وقال ابن الجوزي رحمه الله في وصف النار: "دار قد خص أهلها بالبعاد، وحرموا لذة المنى والإسعاد، بُدِّلت وضاءة وجوههم بالسواد، وضربوا بمقامع أقوى من الأطواد، عليها ملائكة غلاظ شداد، لو رأيتهم في الحميم يسبحون، وعلى الزمهرير يطرحون، فحزنهم دائم فما يفرحون، مقامهم محتوم فما يبرحون.
المشرك مخلد في النار والمنافق والكافر مخلدان في النار، أما أهل التوحيد الذي يموتون على الكبائر فإن الله سبحانه وتعالى لا يخلدهم في النار، من مات وهو يعبد الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة، أما الذي يموت على الكبائر، فإن الله سبحانه وتعالى إن شاء عذبه في النار ومحصه على قدر ذنوبه وأخرجه من النار، وإن شاء الله غفر له".
فيا أهل الكبائر: توبوا إلى الله، يا أهل التوحيد! اسألوا الله الثبات وجدوا واجتهدوا على التوحيد لعل الله يدخلكم الجنة بغير حساب ولا عذاب، يا أهل التوحيد! الله الله بالمحافظة على التوحيد! الله الله بالمحافظة على العقيدة! فإن من مات وهو محقق للتوحيد لم يشرك بالله شيئاً؛ فإن الله يدخله الجنة بغير حساب، واحذروا من النار فإن توبيخهم أعظم من العذاب وهم يقولون: {يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف:٧٧] لكن يرد عليهم بالتوبيخ، وتوبيخهم أعظم من العذاب، وتأسفهم أقوى من المصاب، يبكون على تضييع أوقات الشباب، وكلما جاء البكاء زاد.
إنها النار عليها ملائكة غلاظ شداد، يا حسرتهم لغضب الخالق جل وعلا، يا حسرتهم لغضب الجبار، يا محنتهم لعظيم البوارق! يا فضيحتهم بين الخلائق إذا سحبوا على وجوههم إلى نار جهنم! يا فضيحتهم على رءوس الأشهاد! أين كسبهم للحطام؟ أين سعيهم في الآثام؟ كأنه أضغاث أحلام، ثم أُحرقت تلك الأجسام بالنار، وكلما أحرقت تعاد إنها نار جهنم عليها ملائكة غلاظ شداد.
أيها الإخوة في الله: آمنوا بالله جل وعلا واعملوا الصالحات، فإن من آمن بالله وعمل الصالحات فإن الله يدخله الجنة، وأما من كفر وعمل بالمعاصي والسيئات فإن موعده النار، اللهم نجنا من النار، وأعذنا من دار الخزي والبوار وأسكنا برحمتك دار المتقين الأبرار، اللهم اجعل اجتماعنا هذا اجتماعاً مرحوماً واجعل تفرقنا بعده تفرقاً معصوماً، ولا تجعل فينا ولا منا شقياً ولا محروماً.
عباد الله: حافظوا على هذا التذكار، واجعلوه دائماً نصب أعينكم، وعوه في قلوبكم، وفقني وإياكم للقول والعمل والإخلاص إنه على كل شيء قدير.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.