أيها المسلمون: إنه لجدير بمن كان متصلاً بربه أن ينسى كل شيء دون الله عز وجلَّ، وأن يكون حين هذه الصلة خاشعاً قانتاً مطمئناً قلبه، مستريحاً لله وبالوقوف بين يدي الله، ولذلك كانت الصلاة قرة أعين العارفين، يقول صلى الله عليه وسم:{أرحنا بها يا بلال! أقم الصلاة} فهي راحة قلوب العارفين بالله جلَّ وعلا، لما يجدون في الصلاة من اللذة والأنس بمعبودهم ومحبوهم رب العالمين.
أيها المسلمون: إنه لجدير بمن دخل الصلاة خاشعاً مطمئناً قانتاً خائفاً من الله مراقباً لله، أن يخرج منها بقلب مملوءٍ فرحاً وسروراً، وإنابة لربه وإيماناً، لذلك كانت الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر لما يحصل للقلب منها من النور والإيمان والإنابة.
وإنه لجدير بمن عرف حقيقة الصلاة وفائدتها وثمرتها أن تكون أكبر همه، وأن يكون منتظراً إليها، مشتاقاً إليها، ينتظر تلك الساعة في غاية الشوق والفرح والاهتمام؛ لأنه سوف يقف أمام رب العالمين، وسوف يقف بين يدي ملك الملوك، وسوف يقف بين يدي جبار السماوات والأرض، وسوف يقف بين يدي الواحد القهار الذي إذا سأله الحوائج وقال: يا ربِ! قال: لبيك عبيدي ولذلك أقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد، وهكذا كان يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.