فلما فعلوا ذلك وفرغوا من عقر الناقة، وبلغ الخبر صالحاً عليه السلام، وجاءهم وهم مجتمعون، فلما رأى الناقة بكى فقال الله عنه:{فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ}[هود:٦٥].
وكان قتلهم الناقة يوم الأربعاء، فلما أمسى أولئك التسعة الرهط عزموا على قتل صالح عليه السلام وقالوا: إن كان صادقاً عجلناه قبلنا وإن كان كاذباً ألحقناه بناقته، فلما عزموا على ذلك وتواطئوا عليه وجاءوا من الليل ليفتكوا بنبي الله؛ فأرسل الله سبحانه وتعالى -وله العزة ولرسوله- حجارة فرضختهم سلفاً وتعجيلاً قبل قومهم.
وأصبح قوم ثمود يوم الخميس -وهو اليوم الأول من أيام النظرة- ووجوههم مصفرة كما وعدهم صالح عليه السلام، وأصبحوا في اليوم الثاني من أيام التأجيل وهو يوم الجمعة ووجوههم محمرة، وأصبحوا في اليوم الثالث من أيام المتاع وهو يوم السبت ووجوههم مسودة، فلما أصبحوا من يوم الأحد تحنطوا وقعدوا ينتظرون نقمة الله وعذابه -عياذاً بالله من ذلك- لا يدرون ماذا يفعل بهم؟! ولا كيف يأتيهم العذاب؟! وأشرقت الشمس وجاءتهم صيحة من السماء ورجفة شديدة من أسفل منهم ففاضت الأرواح وزهقت النفوس في ساعة واحدة، لا إله إلا الله القادر على كل شيء! قال تعالى:{أَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ}[هود:٦٧] وقال تعالى أيضاً: {فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ}[الأعراف:٧٨] أي: صرعى لا أرواح فيهم ولم يفلت فيهم أحد لا صغير ولا كبير لا ذكر ولا أنثى.
عند ذلك تولى عنهم الناصح الأمين صالح عليه السلام هو ومن آمن به وجاء ذلك في القرآن الكريم قال تعالى:{وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ}[الأعراف:٧٩] وهذا تقريع من صالح لما أهلكهم الله بمخالفتهم إياه وتمردهم على الله، وإعراضهم عن قبول الحق والهدى إلى العمى.
فالحذر الحذر يا أمة الإسلام! والحذر الحذر يا أمة محمد! من الإعراض عن قبول الحق واتباع الهدى؛ وإلا فسنة الله واحدة في خلقه.
اللهم اغفر لنا أجمعين، واهدنا إلى صراطك المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، اللهم أحينا مسلمين، وتوفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.