ونهانا ربنا عزَّ وجلَّ عن إضاعة المال، فقال جل وعلا:{وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً}[النساء:٥] ففي هذه الآية الكريمة ينهى الله تعالى عن إعطاء الأموال للسفهاء؛ لأنهم يصرفونها في غير مصاريفها.
ونَهى الله تعالى عن الإسراف، وأخبر أنه لا يحب المسرفين، كما قال تعالى في محكم البيان:{يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}[الأعراف:٣١].
ما هو الإسراف؟
الإسراف: هو الزيادة في صرف الأموال على مقدار الحاجة، والتبذير في غير وجهه، وقد ابتلي الناس اليوم بالمباهاة في المآكل والمشارب والمباني، حتى إن البعض قد لحقته الديون بسبب مجاراته للآخرين في التبذير والإسراف، وقد ذم الله المبذرين ووصفهم بأبشع وصف يا عباد الله فقال:{إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً}[الإسراء:٢٧].
وهو ما يحصل الآن مع الأسف الشديد من أهل الولائم وحفلات الأعراس، فلا يكتفون بقدر الحاجة، بل اعتادوا البذخ والتبذير، ثم إذا انتهى الناس من الأكل ألقوا باقي الطعام في الزبالة والطريق الممتهنة، والبعض من أهل البيوت العادية غير أهل الولائم اعتادوا إذا أخذوا حاجتهم من الطعام ألقوا الباقي مع الزبالة وحفائظ الأطفال، فيجتمع في الزبالة: الطعام والخبز، وأشياء -لا حول ولا قوة إلا بالله- لا ينبغي أن تكون مع هذه النِّعم.
أيها المسلمون: إن هذا والله من كفر النعمة، وسبب تحولها وزوالها، فالعاقل من يزن الأمور بميزان الحاجة، وإذا فضل عنده شيء عن الحاجة بحث عمَّن هو في حاجته، وإذا تعذر ذلك وضعه في مكان بعيد عن الامتهان، لتأكله الدواب، ويسلم من الامتهان.
أيها الإخوة في الله: هذا الواجب على المسلم، أن يحرص على اجتناب ما نهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يكون حكيماً في تصرفاته، مبتغياً في ذلك وجه الله، شاكراً لنعمه، حذراً من التهاون بها، ومن صرفها في غير مصارفها.
أيها الإخوة في الله: ثم نسمع من بعض الناس، أنهم يفتخرون بذلك، أن فلاناً ذبح مائة ذبيحة، ومعها جزور، وفلاناً ذبح أقل، وفلان ذبح أكثر، هذه من المباهاة، وهذا التبذير يصرفهم ويجعلهم من إخوان الشياطين والعياذ بالله.