فأولها: شهادة أن لا إله إلا الله: توحيد الله رب العالمين، وتجريد القلب من التأله لغير الله، فلا ضريح، ولا صالح، ولا ولي، ولا نبي، ولا رسول يُعبد من دون الله، وهو إخلاص العبادة لله، وصرفها لله رب العالمين، لا ذبح، ولا نذر، ولا حلف بغير الله، إلى غير ذلك من العبادة، فإنه يحرم صرفها لغير الله عزَّ وجلَّ, فإنها خاصة لرب العالمين، الذي خلقك فسواك يا عبد الله، وغذاك من نعمه ورباك، فأنت بالنسبة إلى ربك عبد من عبيده، وبالنسبة إلى غيره حر.
إن من الحماقة بمكان أن تنطلق من عبودية ربك التي هي حق، وتقيد نفسك بعبودية هواك، أو بعبودية المال، أو عبودية فلان وفلان، إن الكثير من الناس قد اشتغل بطاعة الله، فكأنما يصابر الجمر، لا يصبر على طاعة الله إلا قليلاً، مع قلق في نفسه، وانشغال في قلبه، وإذا اشتغل في أمور الدنيا أو التوسل بالصالحين، أو التوسل بالأضرحة، أو التوسل بالأموات، أقبل عليها بقلبه وفكره، واطمأن إليها، واستراح بها، فلا حول ولا قوة إلا بالله، ويا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، وصدق الله:{فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}[الحج:٤٦].
وأما شهادة أن محمداً رسول الله: فهي تجريد المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم دون غيره من المخلوقين، فهو رسول ربك، الذي جاهد في الله حق جهاده، الذي جاء بها نقية، هو رسول رب العالمين، الذي كلف بالرسالة إليكم يا عباد الله، وكلفتم باتباعها.
أمة الإسلام! إن كل أحد من الناس سوف يسير في عمله على خطة مرسومة، ونهج متبع، فإما أن يكون طريق النبيين، أو طريق الضالين المنحرفين المكذبين و {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ}[يونس:٣٢] فانظر يا عبد الله أي الطريقين أهدى وأقوم.