للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[جزاء آخر من يدخل الجنة]

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، الداعي إلى رضوانه.

اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين.

أما بعد:

فيا أيها الناس: اتقوا الله عزَّ وجلَّ.

عباد الله: بادروا بالأعمال الصالحة لعلكم تنجون من عقاب الله وأليم عذابه.

عباد الله: اسمعوا إلى ما في هذا الحديث الصحيح من العجائب يا عباد الله! فإن فيه حثاً على متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وسلوك الصراط المستقيم.

عن الزهري رحمه الله قال: أخبرني سعيد بن المسيب، وعطاء بن يزيد الليثي رحمهما الله، أن أبا هريرة رضي الله عنه أخبرهما أن الناس قالوا: {يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: هل تمارون بالشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا، قال: فإنكم ترونه كذلك، يُحشر الناس يوم القيامة، فيقول: من كان يعبد شيئاً فليتبع، فمنهم من يتبع الشمس، ومنهم من يتبع القمر، ومنهم من يتبع الطواغيت، تبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم الله عزَّ وجلَّ فيقول: أنا ربكم، فيقولون: هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاء ربنا عرفناه، فيأتيهم الله، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، فيدعوهم، فيضرب الصراط بين ظهراني جهنم، يقول صلى الله عليه وسلم: فأكون أول من يجوز من الرسل بأمته، ولا يتكلم يومئذ أحدٌ إلا الرسل، وكلام الرسل يومئذ: اللهم سلِّم سلِّم، اللهم سلِّم سلِّم، وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان، هل رأيتم شوك السعدان؟

قالوا: نعم، قال: إنها مثل شوك السعدان، غير أنه لا يَعلم قدر عِظَمِها إلا الله، تخطف الناس بأعمالهم، فمنهم من يوبق بعمله، ومنهم من يخردل، ثم ينجو حتى إذا أراد الله رحمة من أراد من أهل النار، أمر الله الملائكة أن يخرجوا من كان يعبد الله، فيخرجونهم ويعرفونهم بآثار السجود، وحرم الله على النار أن تأكل أثر السجود، فيخرجون من النار، فكل ابن آدم تأكله النار إلا أثر السجود، فيخرجون من النار قد امتحشوا، فيُصب عليهم ماء الحياة، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، ثم يفرغ الله من القضاء بين العباد، ويبقى رجلٌ بين الجنة والنار، وهو آخر أهل النار دخولاً الجنة، مقبلٌ بوجهه قِبل النار، فيقول: يا رب، اصرف وجهي عن النار، قد قشبني ريحها، وأحرقني ذكاؤها، فيقول: هل عسيتَ إن فُعل ذلك بك أن تسأل غير ذلك؟ فيقول: لا وعزتك فيُعطي ما يشاء من عهد وميثاق، فيصرف الله وجهه عن النار، فإذا أقبل به على الجنة، رأى بهجتها، وسكت ما شاء الله أن يسكت، ثم قال: يا رب، قدمني عند باب الجنة -الله أكبر- قال: يا رب، قدمني عند باب الجنة، فيقول الله له: أليس قد أعطيت العهود والميثاق ألا تسأل غير الذي كنت سألتَ، فيقول: يا رب، لا أكون أشقى خلقك، فيقول: فما عسيتَ إن أُعطيت ذلك أن لا تسأل غيره؟ فيقول: لا وعزتك لا أسأل غير ذلك، فيعطي ربه ما شاء من عهد وميثاق، فيقدمه إلى باب الجنة، فإذا بلغ بابها، ورأى زهرتها وما فيها من الزهرة والنضرة والسرور، فيسكت ما شاء الله له أن يسكت، ويقول: يا رب، أدخلني الجنة، فيقول الله: ويحك يا ابن آدم! ما أغدرك! أليس قد أعطيت العهود والميثاق أن لا تسأل غير الذي أعطيتَ، فيقول: يا رب، لا تجعلني أشقى خلقك، ويضحك الله عزَّ وجلَّ منه، ثم يأذن له في دخول الجنة، فيقول: تَمَنَّ، فيتمنى، حتى إذا انقطعت أمنيته قال الله عزَّ وجلَّ: من كذا وكذا؟ أقْبَل، حتى إذا انتهت الأماني قال الله تعالى: لك ذلك ومثله معه} رواه البخاري وفي رواية لـ مسلم: {لك مثل ملك عشرة ملوك من ملوك الدنيا} هذا آخر من يدخل الجنة يا عباد الله.

اللهم وفقنا لما تحبه وترضاه، وجنبنا ما تبغضه وتأباه.

اللهم اجعلنا من أمة محمد، الذين يدخلون الجنة، بغير حساب ولا عذاب.

اللهم أدخلنا الجنة برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم اجعلنا على الصراط من الناجين، ولا تجعلنا في النار مكردسين، يا رب العالمين.

اللهم وفقنا لما تحبه وترضاه، وجنبنا ما تبغضه وتأباه.

عباد الله: إن الله يأمركم أن تصلوا على رسول الله، فقال قولاً كريماً: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦].

ويقول صلى الله عليه وسلم: {مَن صلى عليَّ صلاةً صلى الله عليه بها عشراً}.

اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وفي مقدمتهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر أصحاب رسولك أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك، يا رب العالمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين.

اللهم أذل الشرك والمشركين.

اللهم دمر أعداء الإسلام وأعداء المسلمين.

اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين، اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين.

اللهم انصر المجاهدين في سبيلك من المسلمين.

اللهم أيدهم بتأييدك.

اللهم انصرهم بنصرك، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم إنا نسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت، الأحد الصمد، الذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفؤاً أحد.

اللهم يا قريب مجيب لمن دعاك، يا من قلت وقولك الحق: ادعوني استجب لكم، استجب لنا دعاءنا، يا أرحم الراحمين.

لا إله إلا أنت، ولا رب لنا سواك، أنت مغيث اللهفات، ومفرج الكربات، ومحيل الشدائد والبليات، أنت الغني ونحن الفقراء، أنت الغني ونحن الفقراء.

اللهم أنزل علينا الغيث، ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنزل علينا الغيث، ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنزل علينا الغيث، ولا تجعلنا من القانطين.

اللهم اسقنا، اللهم اسقنا، اللهم اسقنا.

اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا.

{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة:٢٠١].

{رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف:٢٣].

عباد الله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل:٩٠ - ٩١].

فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على وافر نعمه يزدكم {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت:٤٥].