للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[انقطاع الصلات والعلائق]

إنه يوم عظيم يتناسى فيه الحبيب حبيبه وتنقطع الأنساب، ويتبرأ الأنساب، ويفر المرء من أخيه، وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه، يوم القيامة يومٌ يشيب فيه الولدان لشدة هوله، يوم القيامة يوم تضع الحوامل فيه حملها، يوم تذهل فيه كل مرضعةٍ عما أرضعت، إنه يوم ما أطوله حيث يقدر بخمسين ألف سنة! {كَلاَّ إِذَا دُكَّت الأَرْضُ دَكّاً دَكّاً * وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى} [الفجر:٢١ - ٢٣] يتأسف على عمره الذي أمضاه في الحياة الدنيا، يتذكر وأنى له الذكرى؟!

إنه يوم عظيم يجاء بجهنم تقاد بسبعين ألف زمام، مع كل زمامٍ سبعون ألف ملك يجرونها، لها تغيظ وزفير، في ذلك اليوم العظيم يحاسب الله عز وجل الخلائق ويجزي كلاً بعمله {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً} [آل عمران:٣٠] من أين له ذلك اليوم أن يرد المظالم؟! فأعطوا الناس حقوقهم؛ لأن في يوم القيامة يفرح أهل الحقوق بحقوقهم ذلك اليوم، وفي ذلك اليوم العظيم يعطى كل إنسان نتيجة، وهم متفاوتون في ذلك الموقف العظيم منهم المسرور الفرح، ومنهم المغموم الترح.