يا عباد الله: اغتنموا أوقات الفضائل قبل فواتها، وتأهبوا لما أمامكم، وما أنتم قادمين عليه بلا محالة ألا وهو الموت، فقد قال تعالى:{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}[الأنبياء:٣٥].
لقد كتب الله الموت على جميع مخلوقاته قال عز وجل:{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرَامِ}[الرحمن:٢٦ - ٢٧].
عباد الله: إن الموت تبدلٌ من حال إلى حال، وانتقال من دار إلى دار، فالموت هو المصيبة العظمى والرزية الكبرى، وأعظم منه الغفلة عنه والإعراض عن ذكره، وقلة التفكر فيه، وترك العمل.
فيا عباد الله! ما هذه الغفلات والاغترار؟! وما هذا الإنكباب على الدنيا، وقد رأيتم تصرم الأعمار؟! وما هذا التفريط وأنتم على الآثار وقد أيقنتم أن دار الفناء ليست لكم دار قرار؟!
يذكر لنا أحد الإخوان في إحدى الدوائر، يقول: استلم أحدهم راتبه يوم الأربعاء، وخرج وقد استلم الراتب وصلى العصر وتوضأ لصلاة المغرب، ولما أراد أن يخرج لصلاة المغرب، قال: والله كأني أحس أني تعبان، أظنني لن أصل المسجد، والله ما أكمل كلامه إلا وقد فاضت روحه.
الآخر بعده بيومين -كلهم في دائرة واحدة- كانت عنده مناسبة، تعشى وأكل من تلك المناسبة واجتمع مع ضيوفه، ولما تفرقوا بعد المناسبة بقليل، قال: لعلكم تذهبون بي إلى المستشفى! إني أحس بفتور، والله ما وصل المستشفى إلا وقد خرجت روحه، لا إله إلا الله.