[تربية الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه على قصر الأمل]
ولقد ربى رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابته الكرام حتى الشباب على قصر الأمل، وعلى الحذر من هذه الدنيا، فقال لـ ابن عمر رضي الله عنهما:{كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل} ماذا قال ذلك الشاب الذي تخرج من مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم؟ قال:[[إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك]] هكذا رباهم الرسول صلى الله عليه وسلم.
دخل عليه الصحابة رضي الله عنهم وقد نام على حصيرٍ أثَّر بجنبه الشريف فقالوا:{يا رسول الله! لو اتخذنا لك وطاءً لينا؟ قال: ما لي وللدنيا! ما أنا في الدنيا إلا كراكبٍ استظل تحت شجرة، ثم قال وتركها}.
ربى زوجاته صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهن، فتقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:{يمر الهلال، ثم الهلال، ثم الهلال ما وقِدَ في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار} له تسعة أبيات، فما أدراكم ما تلك الأبيات! إنها حجيرات.
نزل به ضيفٌ -صلى الله عليه وسلم- فيسأل تلك الزوجات كل واحدة يقول لها:{هل عندك شيء؟ فتقول: والذي بعثك بالحق، ما عندي إلا ماء} الله أكبر! لا إله إلا الله! أبيات الرسول صلى الله عليه وسلم كل واحدة تقول: والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء، فهذا يدلك أخي المسلم على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرفع بالدنيا رأساً.
يقول رحمه الله: من أكثر ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء:
أولاً: تعجيل التوبة:
إذا ذكر الإنسان أنه سوف يموت ولا يدري متى يموت، لأن البعض من الناس مع الأسف الشديد يغتر بطول الأمل، حتى أنه ربما يربي أهله وأولاده على طول الأمل، وربنا جل وعلا يقول:{وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ}[لقمان:٣٤] والبعض من الناس يربي أهله وأولاده على طول الأمل، ويحدثه بالمستقبل، لا إله إلا الله! الله أكبر! وما درى هذا المسكين أن الموت قد يختطفه إما صباحاً وإما مساءً {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ}[لقمان:٣٤].
فيا من ابتلي بطول الأمل! تذكر أخي في الله تلك النُّقلة يوم أن تنقل من هذه الدنيا، من عالم الدور إلى عالم القبور، إذا تذكرت ذلك وفقك الله جل وعلا بتعجيل التوبة، تبت إلى الله، ورجعت إليه، أخذت الاستعداد والأهبة لذلك النازل ألا وهو الموت.