[مشكلة تخلف الأبناء عن صلاة الجماعة]
يا عباد الله: إنها مصيبة عظمى، وأكبر من تلك المصيبة، الذين يأتون إلى المسجد ويتركون أولادهم في الشوارع يلعبون، أو في فرشهم نائمون، لم يبذلوا الأسباب فلم يوقظوهم، من أين لهم حجة إذا وقفوا بين يدي رب العالمين، وما هي حجتهم إذا وقفوا بين يدي رب العالمين؟ ألا يفعلون الأسباب؟ ألا يوقظون أولادهم؟ حتى ولو يتأخرون عن الصف الأول، إنما أنت مطالب بهذه الأمانة في عنقك، ولست مطالباً في أن تكون في الصف الأول، بل أنت مطالب بهذه الأمانة في عنقك أن تأتي به إلى المسجد فيصلي.
وهذه -يا عباد الله- مصيبة عظمى سوف نسأل عنها يوم القيامة، ولنبحث ما هو السبب الذي جعل الأبناء يبتعدون عن المساجد، ما هو السبب يا عباد الله؟ لنفكر في ذلك، ولنبحث عن ذلك لعلنا نعالج هذا المرض الخطير الذي قضى على كثير من الشباب فصاروا لا يعرفون بيوت الله طرفة عين، فإنا لله وإنا إليه راجعون!
عباد الله: البعض من الناس إذا دعي إلى هذا الصلوات تكلم بكلماتٍ تشمئز منها القلوب، سواء كان مجاوراً أو غير مجاور، سواء كان من الجيران أو غير الجيران، إذا دعي إلى هذه الصلوات الخمس تكلم بكلمات تشمئز منها القلوب المؤمنة، ولكن لا تيئس يا أخي المسلم، ادع جارك ونبهه إلى الصلاة لعلك تبرأ من تبعته يوم القيامة، إنه في الدنيا يتكلم عليك، ولا تدري غداً لعل الله يأخذه وترتاح منه أو يهديه ويكون في صفك في المساجد.
أما في الآخرة فإنه يتعلق في رقبتك يوم القيامة، ويقول: يا رب! جاري ظلمني، فتقول: والله ما ظلمته بحق يا رب العالمين، فيقول: بلى إنه رآني على المعاصي فلم ينهني، ولم يأمرني بطاعة الله.
فالخلاص الخلاص يا عباد الله، الخلاص ما دمت في وقت الإمكان، فالبعض من الناس -ويخشى أن يكونوا من الذين يعلمون أولادنا- يسمون الصلاة رجعية مع الأسف الشديد، وهم يعلمون أبناءنا، لا رد الله رجعتهم إذا سافروا إن كان قصدهم الفساد وتثبيط أولادنا عن دين الإسلام، فهم يسمون الصلاة رجعية، ويسمون من يصلي رجعياً، ويرمونه بالجمود، فحسبنا الله ونعم الوكيل! وما ربك بغافل عما يعمل الظالمون.
لقد أخبر عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ وهو من أجلاء صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال رضي الله عنه: [[لقد رأيتنا وما يتخلف عن الصلاة إلا منافق عُلم نفاقه أو مريض.
ثم يقول: وإن كان المريض ليمشي بين الرجلين حتى يأتي الصلاة]] وقال: [[إن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا سنن الهدى، وإن من سنن الهدى: الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه]] وقال أيضاً: [[من سره أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هذه الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صلَّيتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم]].
ثم يخبرنا بهذا الفضل ويقول: {ما من رجل يتطهر فيمس الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفعه بها درجة ويحط عنه بها سيئة}.
عباد الله: إن الواجب على كل مسلم العناية بهذا الأمر والمبادرة إليه والتواصي به، إنها الصلاة يا عباد الله!
اللهم وفقنا لما فيه رضاك وإصلاح أمر ديننا ودنيانا، وأعذنا من مشابهة الكفار والمنافقين إنك جواد كريم.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه:١٣٢].
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه يغفر لكم، إنه هو الغفور الرحيم.