[قصيدة في وصف الموت وما بعده]
إخواني: لنسمع هذه القصيدة وهي تصف لنا حال الإنسان, يقول رحمه الله:
ذنوبك يا مغرور تحصى وتحسب وتجمع في لوحٍ حفيظٍ وتكتب
وقلبك في سهوٍ ولهوٍ وغفلةٍ وأنت على الدنيا حريصٌ معذب
تباهي بجمع المال من غير حله وتسعى حثيثاً في المعاصي وتذنب
والله هذا واقع فيه كثير من الناس, جَمَع المال لا يبالي من أي وجه دخل عليه, وإذا قيل له: يا أخي اتق الله! إن هذا المدخل حرام قال: مازلتم تعلمونا، مازلتم توعظونا، نعم, قال تعالى: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} [البقرة:٢٧٥] انته إذا جاءتك الموعظة من الله، لا تعاند يا عبد الله! اتق الله عز وجل نسأل الله أن يبصرنا في ديننا, وأن يرزقنا التفقه في الدين إنه على كل شيء قدير, يقول رحمه الله:
تباهي بجمع المال من غير حله وتسعى حثيثاً في المعاصي وتذنب
أما تذكر الموت المفاجئك في غد أما أنت من بعد السلامة تعطب
أما تذكر القبر الوحيش ولحده به الجسم من بعد العمارة يخرب
أما تذكر اليوم الطويل وهوله وميزان قسطٍ للوفاء سينصب
تروح وتغدو في مراحك لاهيا وسوف بأشراك المنية تنشب
ثم يذكر حاله وهو في حالة النزع نسأل الله حسن الختام, فيقول رحمه الله:
تعالج نزع الروح من كل مفصل فلا راحمٍ ينجي ولا ثَم مهرب
وغمضت العينان بعد خروجها وبسطت الرجلان والرأس يعصب
وقاموا سراعاً في جهازك أحضروا حنوطاً وأكفاناً وللماء قربوا
وغاسلك المحزون تبكي عيونه بدمع غزير واكف يتصبب
وقد نشروا الأكفان من بعد طيها وبخَّروا منشورهن وطيبوا
سبحان الله العظيم! يا لها من مواقف يا إخواني، بعد ما كان واقفاً تفصل له وتقاس عليه الملابس، صار الآن يلبس آخر كسوة من الدنيا, يلف بهذه الخرقة, الله أكبر، لا إله إلا الله، اللهم أيقظنا من رقداتنا يا رب العالمين, والله إن الموت أمره عظيم, والله لو تذكرنا دائماً الموت ما كان حالنا هكذا وما أكثر التذكار بالموت، ولكن إنا لله وإنا إليه راجعون.
بعض الناس يقول: الآن الطب الحديث تطور, ولكن يا ليته ينظر إلى الموت الآن, الموت الآن يأخذ بالكمية نسأل الله حسن الختام، والله لو كانت القلوب واعية، والقلوب حية؛ لكفاها ما ترى في تلك الطرق, أحياناً تجد عائلة بأكملها يختلط الرجال والنساء لحومهم وعظامهم سواء, فأين الاعتبار؟ أحياناً يلتقط من الطريق جثث هامدة, اللهم اشف مرض قلوبنا يا رب العالمين.
كنا قبل سنين إذا رأينا الجنازة طار عنا النوم, وتكدر علينا الطعام والشراب ثلاثة أو أربعة أيام، والآن إنا لله وإنا إليه راجعون, في المقبرة الآن تجد هذا يشعل السيجارة وهذا يتحدث كم طول الأرض؟ وماذا فعلت اليوم وماذا حصل لك وماذا قالت الجريدة والمجلة؟! وهو في المقبرة! وهو والله لا يدري أيخرج منها أو يدفن بجوار من جاء يشيعه, نسأل الله حسن الختام.
فيا إخواني! علينا أن نتذكر هذه المواقف, يقول رحمه الله:
وقد نشروا الأكفان من بعد طيها وبَّخروا منشورهن وطيبوا
وألقوك فيما بينهنَّ وأدرجوا عليك مثاني طيّهن وعصّبوا
وفي حفرة ألقوك حيران مفرداً تضمك بيداء من الأرض سبسب
إذا كان هذا حالنا بعد موتنا فكيف يطيب اليوم أكل ومشرب
وكيف يطيب العيش والقبر مسكنٌ به ظلمات غيهب ثم غيهب
وهول وديدان وروع ووحشة وكل جديد سوف يبلى ويذهب
فيا نفس خافي الله وارجي ثوابه فهادم لذات الفتى سوف يقرب