الحمد لله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، أحمده سبحانه من إلهٍ أعزَّ من أطاعه واتقاه، وأذل أهل الفسق والفجور، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله حكيمٌ حذر من الفواحش والزور، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله نبيٌ جاء بالحق الواضح في كل الأمور، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم البعث والنشور، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
أيها المسلمون: اتقوا الله تعالى، وانتهوا عَمَّا نهاكم الله عنه حيث يقول جلَّ وعلا:{وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}[الأنعام:١٥١].
عباد الله: لقد انتشرت بين المسلمين في هذا العصر أمراض اجتماعيةٌ خطيرةٌ، من هذه الأمراض فاحشتا: الزنا واللواط، اللتان فشتا بين كثيرٍ من العامة والخاصة، مما يدل على ضعف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند المسلمين بلغ ضعف وازع الدين عند كثيرٍ ممن ينتسبون إلى العلم فضلاً عن غيرهم، فاتبعوا الشهوات واستمتعوا بالمآكل والمشارب والمراكب، وسكتوا عن الإنكار خوفاً من الملامة ورجاءً لهذه الدنيا الدنية، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى وقف المنافقون من المسئولين حجر عثرةٍ ضد الدعاة والغيورين على محارم الله، لصدهم عن الإنكار، وذلك لحبهم للشر والفساد، وبغضهم للخير وأهله {وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ}[المائدة:٤٣].
عباد الله: إن حصول الزنا نتيجة للتبرج والسفور والاختلاط الذي فشا بين الناس، وذلك بانفلات الزمام من أيدي الرجال، فأصبحت المرأة تفعل ما تشاء من وسائل الفتنة والإغراء والرجل مغلوب على أمره، قال صلى الله عليه وسلم:{هلكت الرجال إذا أطاعت النساء، هلكت الرجال إذا أطاعت النساء، هلكت الرجال إذا أطاعت النساء} رواه الإمام أحمد في مسنده، والمراد: طاعة النساء في غير مرضاة الله تعالى، و {سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس النار، قال: الفم والفرج} رواه الترمذي.
ويقول الله عز وجلَّ وهو أصدق القائلين:{وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً}[الإسراء:٣٢] فالله تعالى الحكيم العليم بشئون خلقه نهى عن الاقتراب من الزنا وما يدعو إليه من النظر المحرم، واللمس والاختلاط والخلوة بالأجنبية، لأن هذه الأشياء تؤدي إلى الزنا ولا بد، إلا من عصم الله، وإذا كان الله قد نهى وحذر من مقدمات الزنا ودواعيه، فالتحذير من ارتكابه أولى وأشدُّ.