[الاستشفاع بمحمد صلى الله عليه وسلم في أرض المحشر]
فيا عباد الله: اتقوا الله عز وجل، واعلموا أن أمامكم القيامة وما فيها من الأهوال والأمور الفظيعة، يقول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: {أنا سيد الناس يوم القيامة هل تدرون مما ذاك؟ يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد، فيبصرهم الناظر ويسمعهم الداعي، وتدنو منهم الشمس} تصوروا هذا الموقف يا عباد الله! فكروا في هذا الموقف، أطيلوا النظر طويلاً في هذا الموقف مثلما تطيلون النظر في المخطط إذا سلمكم إياه المهندس، أطيلوا النظر بهذا الموقف العظيم مثلما تطيلون النظر في الصك هل نقص القاضي أم زاد من مساحة الأرض، أطيلوا النظر في هذا الموقف، فالأمر عظيم أشد من مخطط المهندس، أشد من الصك الذي يسلمك إياه القاضي.
يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد، فيبصرهم الناظر ويسمعهم الداعي، ونحن معهم وقوف، وتدنو منهم الشمس، ويبلغ الناس من الهمِّ والكرب ما لا يطيقون، فلا يحتملون، فيقول الناس وهم يموجون بعضهم على بعض، الأقدام متزاحمة، والأرض بهم متضايقة: {ألا ترون إلى ما أنتم فيه وإلى ما بلغكم، ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم! فيقول بعض الناس لبعض: أبوكم آدم، فيأتونه، ويقولون: يا آدم أنت أبو البشر خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، وأسكنك الجنة ألا تشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه وما بلغنا! فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وقد نهاني عن أكل الشجرة فعصيت، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى نوح، ويقول نوح مثلما قال آدم: اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى إبراهيم، فيأتون إلى إبراهيم ويقول مثلما قال نوح: اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى، فيأتون موسى ويقول مثلما قال إبراهيم، يقول: اذهبوا إلى عيسى، فيأتون عيسى ويقول مثلما قال موسى: اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم، فيأتون محمداً، فيقولون: يا محمد! أنت رسول الله، وخاتم الأنبياء، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه! فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأنطلق فآتي تحت العرش، فأخر ساجداً لربي، ثم يفتح الله عليَّ من محامده وحسن الثناء عليه شيئاً لم يفتحه على أحدٍ قبلي، ثم يقال: يا محمد! ارفع رأسك، وسل تعطَ، واشفعْ تشفعْ، فأرفع رأسي فأقول: أمتي يا ربِ! أمتي يا ربِ، فيقال: يا محمد أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب ثم قال صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وهجر، أو كما بين مكة وبصرى} متفق عليه.
اللهم أدخلنا من تلك الأبواب، اللهم أدخلنا من تلك الأبواب، اللهم لا تحرمنا من شفاعة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، اللهم اسقنا من حوضه شربةً هنيئةً مريئةً لا نظمأ بعدها أبداً.
عباد الله: إن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وعليكم بالجماعة؛ فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار.
عباد الله: صلوا على رسول الله امتثالاً لأمر الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] صلوا على رسول الله وأكثروا من الصلاة عليه، قال أبو هريرة رضي الله عنه وأرضاه: {يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال: من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه}.
عباد الله: صلوا على رسول الله امتثالاً لأمر الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] وقال صلى الله عليه وسلم: {من صلى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً} اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر أصحاب رسولك أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أذل الشرك والمشركين، اللهم أذل الشرك والمشركين، اللهم دمر أعداء الإسلام وأعداء المسلمين، اللهم أغث قلوبنا بالإيمان، اللهم أغث قلوبنا بالإيمان، اللهم افتح مسامع قلوبنا لقبول الحق يا رب العالمين! اللهم أصلحنا وأصلح لنا وأصلح بنا واجعلنا هداةً مهتدين، اللهم اجعلنا هداةً مهتدين.
عباد الله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل:٩٠].
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.