أمة الإسلام: ليس للطاعة زمن مَحدود ينتهي بانتهائه، ولا للعبادة أجل معين تنتهي بانتهائه، بل العبادة هي حق الله على العباد، قال الله تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}[الذاريات:٥٦ - ٥٨]
نعم -يا عباد الله- العبادة: هي حق لله يعمر بها العبادُ الزمانَ، ويشغلون بها فرص الحياة، ويقطعون بها سويعات العمر، فالعبد الذي يقطع مرحلة الحياة في طاعة الله وفي مرضاته هو من أولياء الله المتقين، الذين وعدهم الله بعظيم الأجر وسابغ الفضل، حيث يقول وهو أصدق القائلين:{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ * وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}[المرسلات:٤١ - ٤٤].
هكذا يجزيهم رب العالمين؛ لأنهم عاملوه معاملة العارفين الذين عرفوه حق المعرفة، وقدَّروه حق قدره، وقاموا بحقه حق القيام، فجازاهم بما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، جازاهم في دار الكرامة، في دار النعيم، في جنة عرضها كعرض السماء والأرض، فهنيئاً لهم تلك الكرامة في جوار رب العالمين.
ويا أرباب الهمم العالية، ويا من قد تفضل الله عليهم بإتمام صوم رمضان، وأسبغ عليهم العفو والغفران، وكتب لهم العتق من النيران، واصلوا الإحسان بالإحسان، واتقوا الله ربكم، فإن من تقواه المداومة على عمل البر والإحسان, واعزموا عقد النية على التزام المسلك الراشد الذي التزمتموه في رمضان.