أما الجريمة الكبرى الثانية، الجريمة النكراء، الجريمة المفسدة للدِّين والدنيا، الهادمة للأخلاق، الماحقة للرجولة، المفسدة للمجتمع، القاتلة للمعنويات، المذهبة للخير والبركات، الجالبة للشرور والمصيبات والأمراض المستعصيات إنها مِعْوَل الخراب والدمار، إنها سبب للذِّل والخزي والعار إنها جريمة اللواط! إنها ركوب الرجل على الرجل إنها الجريمة التي تنكرها وترفضها العقول والفطر السليمة، الجريمة التي جاءت الشرائع السماوية بمقتها والزجر عنها؛ لما فيها من ضرر عظيم، وظلم فاحش للفاعل بما جر على نفسه من الخزي والعار، وقادها إلى ما فيه الموت والدمار، وهو ظلم للمفعول به حيث هتك نفسه وأهانها ورضي لها بالسفول والانحطاط ومحق رجولتها، فكان بين الرجال بمنزلة النساء، لا تزول ظلمة الذل من وجهه حتى يموت، وهو ظالم للمجتمع كله بما يسدي إليه من حلول المصائب والنكبات.
ولقد قصّ رب العالمين علينا ما حصل لقوم لوط حيث أنزل عليهم رجزاً من السماء، -أي: عذاباً من فوقهم- أمطر عليهم حجارةً من سجيل، فجعل قريتهم عاليها سافلها، وهي الآن بحيرة منتنة، وهي تسمى بـ البحر الميت قرب الأردن، وبعد أن قصَّ الله علينا قصتهم وما نزل بهم قال جلَّ وعلا:{وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ}[هود:٨٣].
أمة الإسلام: إنه متى فشت هذه الفاحشة في المجتمع ولم يعاقب الله بدمار الديار، فإنه سيحِلُّ بها ما هو أعظم من ذلك، سيحِلُّ بها انتكاس القلوب، وانطماس البصائر، وانقلاب العقول حتى يسكت عن الباطل، أو يزين له سوء عمله فيراه حسناً، وأما إذا يسَّر الله له ولاةً أقوياء، ولاةً عُدلاء، ولاةً أمناء، يقولون الحق من غير مبالاة، وينفذون الحدود من غير محاباة، فإن هذا علامة التوفيق والصلاح.