للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[القبر وفتنته]

في ظلمة القبر لا أمٌ هناك ولا أبٌ شفيقٌ ولا أخٌ يؤنسني

ولا تلفاز، ولا جرائد، ولا مجلات، ولا تلفون، ولا شيء، صف عليك اللبن ووضعك، عندك عملك فإن كان صالحاً فهو شابٌ حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح -نسأل الله من فضله- ثم يقول له: أبشر بالذي يسرك، ثم ينبسط وينسى أهله وماله وينسى الدنيا كلها، يستقبل شيئاً آخر عندما بشره هذا العمل الصالح، ماذا يستقبل؟ يستقبل الجنة، الآن هو في روضة من رياض الجنة، ولكن يستقبل الجنة عالية الدرجات بجوار الله عز وجلَّ.

وإن كان عمله سيئاً -والعياذ بالله- فهو شاب أسود الوجه منتن الريح، ثم ماذا يقول له: أبشر بالذي يسوؤك أنا عملك السيء، ثم يزداد غماً وحزناً، ويقول: يا رب! لا تقم الساعة؛ لأنه إذا كان هذا أول مبتدأ العمل، فما بعده إلا جهنم والعياذ بالله.

نسأل الله أن يجعل قبورنا روضة من رياض الجنة، ولا يجعلها حفرةً من حفر النار إنه أرحم الراحمين.

في ظلمة القبر لا أمٌ هناك ولا أبٌ شفيقٌ ولا أخٌ يؤنسني

وأودعوني ولجوا في سؤالهمُ ما لي سواك إلهي من يخلصني

وهالني صورةٌ في العين إذ نظرت من هول مطلع ما قد كان أدهشني

من منكرٍ ونكيرٍ ما أقول لهم إذ هابني منهما ما كان أفزعني

الله أكبر! من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ إن كان مؤمناً وإن كان لم يقرأ ولا حرفاً، قال: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم، وإن كان غير ذلك، يقول: هاه، هاه، لا أدري، ثم يقال له: لا دريت ولا تليت، ثم يضرب بمرزبة من حديد والعياذ بالله.

نعم -يا عباد الله- قال الله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم:٢٧] لا معقب لحكمه يا عباد الله، ما أحد يعقب على حكم الله؛ لأنه أحكم الحاكمين، وأعدل العادلين، ولا يظلم ربك أحداً: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت:٤٦] فمن أراد النجاة عباد الله، فليطلبها ويلتمسها ويسعى إلى طرق الخير ما دام في الحياة، ما دام في زمن الإمكان، ما دام في زمن دار المزرعة، نحن الآن في دار المزرعة، لكن سوف ننتقل إلى درا الحصاد، فإن زرعنا خيراً حصدنا حسنات، وإن زرعنا شراً حصدنا سيئات والعياذ بالله.

وهالني صورةٌ في العين إذ نظرت من هول مطلع ما قد كان أدهشني

من منكرٍ ونكيرٍ ما أقول لهم إذ هابني منهما ما كان أفزعني

فامنن عليَّ بعفوٍ منك يا أملي فإنني موثقٌ بالذنب مرتهني