عباد الله! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً، قالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله، النساء والرجال جميعاً ينظر بعضهم إلى بعض؟!! -يا ليتنا نتذكر هذا الكلام يا عباد الله! والله إن القلوب مريضة، ومستغرقة في غفلتها - فقال صلى الله عليه وسلم: يا عائشة! الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض} الله المستعان! الله أكبر يا عباد الله! ألا نتذكر ذلك دائماً، ألا نجعل ذلك دائماً في صك وفي جدار الفلة {الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض} إنه موقف عظيم طويل، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:{يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعاً، ويلجمهم حتى يبلغ آذانهم} الله أكبر! الله المستعان! هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم، هذا قول رسول الله الذي أعرضنا عن سنته وعن القرآن، اللهم ردنا إليك رداً جميلاً.
ولكن متى نرجع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؟!
إذا فرغنا قلوبنا من الملاهي، وبيوتنا من الملاهي ومن المجلات ومن القصص الغرامية ومن الأفلام والتمثيليات التي أخذت في قلوبنا أماكنها، وملأت القلوب، فلا يدخل فيها قول الله ولا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذه عائشة أم المؤمنين تقول:{يا رسول الله! النساء والرجال جميعاً ينظر بعضهم إلى بعض؟! ويجيبها صلى الله عليه وسلم: الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض} إنه موقف عظيم طويل، يبين ذلك رسول الهدى صلى الله عليه وسلم فيقول:{يذهب عرق الناس يوم القيامة في الأرض سبعين ذراعاً ويلجمهم حتى آذانهم} ووالله ما ذهبت هذه الكمية إلا لطول المقام يوم القيامة يا عباد الله!
في ذلك اليوم العظيم:{سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في طاعة الله، ورجلٌ قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجلٌ دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله رب العالمين، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه} سبعة يظلهم الله في ظله في ذلك اليوم العظيم يوم يعرق الناس يوم القيامة، حتى يذهب في الأرض سبعين ذراعا، ويلجمهم حتى يبلغ آذانهم.
في ذلك اليوم العظيم الذي يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم:{تُدنى الشمس يوم القيامة من الخلق -وأولئك السبعه تحت ظل عرش الرحمن في غاية من الأمن والسرور، -مقدار ميل، فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً!!} تفكروا يا عباد الله.
في ذلك اليوم العظيم الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم:{يؤتى بجهنم يومئذٍ لها سبعون ألف زمام -تقاد بسبعين ألف زمام- مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها} في ذلك اليوم العظيم، في ذلك اليوم الرهيب، {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ}[الحج:٢].
يوم القيامة، يوم يجعل الولدان شيباً، يوم القيامة يوم ينقلب فيه هذا العالم ويتغير:{يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ}[إبراهيم:٤٨] ثم بعد ذلك: {وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}[إبراهيم:٤٨]{يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً}[آل عمران:٣٠] يوم القيامة تخرس فيه الألسن وتنطق فيه الجوارح، الله المستعان!
اسمع يا عبد الله! وارجع إلى ربك وتب قبل أن ينطق عليك اليدان والفخذان بالشهادة، قبل أن يقر عليك سمعك وبصرك بما ضيعت من أوامر الله، وارتكبت من المحارم.