الحمد لله أمره بين الكاف والنون، أي: إذا قال للشيء: كن؛ فيكون, يأمر إسرافيل بنفخ الصور، فإذا هم قيامٌ من الأجداث إلى ربهم ينسلون، أحمد الله الذي لا إله إلا هو, يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وأشكره على نعمه، وأسأله المزيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا شريك له في ملكه، ولا في عبادته، ولا في ربوبيته، ولا ند ولا ظهير، ولا معين لله:{أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[الأعراف:٥٤] وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
أما بعد:
فيا عباد الله: اتقوا الله عز وجل، واعلموا أن أمامكم القيامة وما فيها من الأهوال والأمور الفظيعة، يقول صلى الله عليه وسلم:{أنا سيد الناس يوم القيامة، هل تدرون ممّ ذاك؟ يجمع الله الأولين والآخرين في صعيدٍ واحد، فيبصرهم الناظر ويسمعهم الداعي، فتدنو منهم الشمس، فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون وما لا يحتملون} يا ليتنا نتفكر في ذلك اليوم، لو تفكرنا في ذلك اليوم؛ لاستيقظنا من رقدتنا، وانتبهنا من غفلاتنا، واقتصدنا في قتل أوقاتنا، يقول صلى الله عليه وسلم:{وتدنو منهم الشمس، فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون وما لا يحتملون، فيقول الناس: ألا ترون ما أنتم فيه إلى ما بلغكم؟ ألا ترون من يشفع لكم إلى ربكم؟ فيقول بعض الناس لبعض: أبوكم آدم، ويأتونه، فيقولون: يا آدم! أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك، وأسكنك الجنة, ألا تشفع لنا إلى ربك؟ ألا ترى ما نحن فيه وما بلغنا؟ فقال: إن ربي غضب غضباً لم يغضب قبله مثله، ولا يغضب بعده مثله، وإنه نهاني عن الشجرة، فعصيت، نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح، فيأتون نوحاً عليه السلام، فيقول مثلما قال آدم: اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى إبراهيم، فيأتون إبراهيم، فيقول مثلما قال نوح: اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى، فيأتون موسى ويقول مثلما قال إبراهيم: اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى عيسى، فيأتون عيسى، فيقول مثلما قال موسى: اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمدٍ صلى الله عليه وسلم}.
أمة الإسلام: لنحمد الله الذي جعلنا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، لنحمد الله ولنشكر الله ولنثني على الله، ولنقوم بالواجبات طاعةً لله وشكراً لله, الذي جعلنا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ولنطيع محمد صلى الله عليه وسلم.
{اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم، فيأتوني، فيقولون: يا محمد! أنت رسول الله وخاتم الأنبياء، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه؟ ثم ينطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيأتي تحت العرش، ويقع ساجداً لرب العالمين، ثم يفتح الله عليه من المحامد وحسن الثناء عليه شيئاً لم يفتحه على أحدٍ قبله صلى الله عليه وسلم، ثم يقال: يا محمد! ارفع رأسك، سل تعطى، واشفع تشفع, فأرفع رأسي وأقول: أمتي يا ربِ أمتي يا ربِ}.
الله أكبر! لا إله إلا الله! يقول أبو هريرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم:{من أسعد الناس بشفاعتك يا رسول الله؟ قال: من قال لا إله إلا الله}.
{فيقال: يا محمد! أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب، ثم قال: والذي نفسي بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وهجر، أو كما بين مكة وبصرى} متفق عليه.