فيا أمة الإسلام! ويا أمة التوحيد! ويا خير أمة أخرجت للناس! اعرفوا قدر هذا الدين، وخاصةً شباب الإسلام، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم حَرِصَ كل الحرصِ على تكوين الشباب وإعدادهم لحمل المسئولية، وتهيئتهم لأداء الأمانة، وحثهم على اغتنام الفرص، فقال صلى الله عليه وسلم:{اغتنم خمساً قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك} فإذا اغتنم هذه الخمس في هذا التوجيه النبوي، سهَّل عليه الجواب عند السؤال، ما هو هذا السؤال؟ إنه كما قال صلى الله عليه وسلم:{يُسأل عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به} فإذا أخذ الشباب بهذه التوجيهات النبوية، وبهذه الإرشادات، يتكون المؤمن -وخاصةً الشباب- التكوين الذي يتحمل معه المسئولية ويقدر على حمل الأمانة وأداء المسئولية، ثابتاً راسخاً مؤمناً مجاهداً، فلا يستكين، ولا يضعف، ولا يتقهقر، ولا يميل مع رياح الفتنة، ولا يستسلم لإغراء الفساد، وخاصةً في هذه الأزمنة، ولعلَّ هذه الأزمنة هي التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم:{بادروا بالأعمال الصالحة، فستكون فتنٌ كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويسمي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرضٍ من الدنيا}.
هذه الأزمنة التي كثرت فيها الدعوات إلى المخططات الشريرة الحنقة الحاقدة على الإسلام وأهله، إنها المخططات الصهيونية والماسونية والصليبية والشيوعية والنصرانية والاستعمار، وكل هذه الأسماء توجد في هذه المجلات التي تنشر في أسواق المسلمين، وتباع مع المواد الغذائية في البقالات وغيرها.
ولا شك ولا ريب يا أمة الإسلام! أن هذه المخططات كلها تستهدف إفساد الأمة الإسلامية عن طريق الخمر، والمخدرات، والمسكرات التي ذهب ضحيتها أناسٌ كثيرٌ، وكذلك الجنس، من انتشار الزنا واللواط وإطلاق عنان الغرائز والشهوات، وما يكمن في الأفلام والمسرحيات، والأغاني الماجنات، وما يبث في المجلات كلها -والله ثم والله- تستهدف إفساد الأمة الإسلامية والسيطرة على بلاد الإسلام، وصرف الشباب المسلم عن مهام أمور دينه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وما حل بـ الأندلس ما حل؛ إلا لما دخل عليها النصارى واستعبدوا أهلها وباعوا المسلمين بالحبال في الأسواق.
يا شباب الإسلام! الحذر الحذر من أعداء الإسلام، فعداوتهم قديمة وليست حديثة، فهذا إمام المرسلين وخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم كم لقي في سبيل الدعوة إلى الله من أذىً وأساليب متباينة؛ كل هذا ليثنوا من عزمه صلى الله عليه وسلم، ويصدوه عن أداء رسالته، فما ضعف وما استكان، بل بقي صلى الله عليه وسلم يكافح ويناضل في سبيل الله، ويجاهد لإعلاء كلمة الله، وصبر على الأذى وعلى المؤامرات التي حيكت له حتى حبس في الشعب ثلاث سنوات صلى الله عليه وسلم، وما ثنى عزمه ذلك، رجم بالحجارة حتى سالت كعبيه وما ثنى عزمه ذلك، كسرت رباعيته، وشج رأسه، وما ثنى عزمه ذلك عن الدعوة إلى الله.
فصلوات الله وسلامه عليه، جاهد في الله حق جهاده، حتى جاء نصر الله والفتح، وقامت دولة الإسلام عزيزة كريمة، فما مضت الأيام والليالي إلا وقد تخرَّج من مدرسة رسول الله صلى الله عليه وسلم شباباً يُحبِّون التفاني، ويبذلون الجهد حتى بلغ هذا الدين مبلغه، فرسول الله صلى الله عليه وسلم حينما أُوحي إليه بتبليغ الرسالة كان في سن الأربعين صلوات الله وسلامه عليه، وكان أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه أصغر من النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث سنوات.
وكان عمر بن الخطاب الفاروق رضي الله عنه وأرضاه عمره حين أسلم سبعاً وعشرين عاماً، وعثمان رضي الله عنه وأرضاه كان أصغر من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلي رضي الله عنه وأرضاه كان أصغر من الجميع، وهكذا بقية الصحابة رضي الله عنهم كانوا شباباً مثل: عبد الله بن مسعود، وسعيد بن زيد، وعبد الرحمن بن عوف، وبلال بن رباح، ومصعب بن عمير، وكثيرٌ وكثير من أولئك الشباب الذين حقق الله على أيديهم النصر؛ ففتحوا الفتوحات، ومصَّروا الأمصار أولئك الشباب، فطريقهم واضح يا شباب الإسلام! يا من هجرتم بيت الله! يا من ودعتم المساجد؛ إلا القليل.
أسأل الله الذي رد القليل أن يرد الكثير إنه على ذلك قادر.