يقول بعض السلف يصف حالة الموت:"إنه الموت إذا نزل فلا تسأل عن كربه وآلامه، حتى قالوا: إنه أشد من ضرب بالسيوف، ونشر بالمناشير، وقرض بالمقاريض, والسبب أنه لا يقدر على الصياح مع شدة الألم لزيادة الوجع والكرب" لماذا؟ لو ترك له المجال ما وقف إلا في آخر الدنيا إذا نزل به الموت, ولكن الموت قهر كل قوة, وضعف كل جارحة, فلم يبق له قوة, أما العقل فقد غشيه وشوّشه, وأما اللسان فقد أبكمه, وأما الأطراف فقد خدّرها وضعّفها, فإن بقيت فيه قوة سمعت له خواراً وغرغرة من صدره ومن حلقه حتى يبلغ بها الحلقوم, فعند ذلك ينقطع نظره عن الدنيا وأهلها, والله كم هناك من يريد أن يقول: أريد أن أفعل كذا وأفعل كذا ولكن هيهات فقد نزل به الموت, فكم من مفرط سوف يقول:{ربِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ}[المؤمنون:٩٩ - ١٠٠] ولكن والله لا يجاب على هذا.
أيها الأحباب! لما قال الرسول صلى الله عليه وسلم:{أكثروا من ذكر هادم اللذات} قال بعض الناصحين رحمهم الله: من أكثر ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء: "تعجيل التوبة, وقناعة القلب، والنشاط في العبادة" والمصيبة من نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء: "تسويف التوبة، وعدم الرضا بالكفاف، والتكاسل في العبادة".