إن الذين يكابرون ويعاندون ويردون أحكام الشريعة ويقولون: إنا لا نترك العادات والتقاليد, فيهم شبه من المشركين الذين قالوا:{بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ}[الزخرف:٢٢] فالإسلام يأتي ليحارب تلك البدع، وليحارب ذلك التخلف، وليحارب عادات الجاهلية, وهم يقولون: إننا لا نترك العادات والتقاليد، وقلوبنا نظيفة، تلك حجة المعاندين الذين لم يذوقوا طعم الإيمان, ولم يرتووا من أحكام هذه الشريعة السمحة, وإنما ارتووا من المجلات والجرائد الخليعة التي تريد أن تخرجهم من دائرة الإسلام, وتدخلهم في دين بيجن وشركاؤه من أعوان الظلمة والكفار.
فهذه الآيات والأحكام ليست خاصة بزوجات نبينا صلى الله عليه وسلم، بل هي عامة في زوجاته وبناته ونساء المؤمنين، بقول ربنا جل وعلا:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ}[الأحزاب:٥٩] والجلابيب: جمع جلباب؛ وهو: ما تضعه المرأة على رأسها في التحجب والتستر به، وبه أمر الله سبحانه وتعالى جميع نساء المؤمنين بإدناء جلابيبهن على محاسنهن من الشعور والوجه وغير ذلك, حتى يعرفن بالعفة فلا يؤذين أحداً ولا يؤذيهن أحد.
ويقول ربنا جل وعلا:{وَالْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ اللاَّتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}[النور:٦٠] ففي هذه الآيات يخبر تعالى أن القواعد من النساء وهن العجائز اللاتي لا يرجون نكاحاً, لا جناح عليهن أن يضعن ثيابهن عن وجوههن وأيديهن, إذا كن غير متبرجات بزينة, فعلم بذلك أن المتبرجة بالزينة ليس لها أن تضع ثوبها عن وجهها ويديها, وغير ذلك من زينتها وأن عليها جناحاً في ذلك ولو كانت عجوزاً؛ لأن كل ساقطة لها لاقطة؛ ولأن التبرج يفضي إلى الفتنة بالمتبرجة, ولو كانت عجوزاً, فكيف يكون الحال بالشابة والجميلة إذا تبرجت؟ لا شك أن إثمها أعظم، والجناح عليها أشد، والفتنة بها أكبر.
عباد الله: لا يخفى ما وقع فيه الناس اليوم من التوسع في التبرج, وإبداء المحاسن، فالواجب سد الذرائع وحسم الوسائل المفضية إلى الفساد وظهور الفواحش, وقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:{لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم}.