للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أسباب توقي الفتن]

الحمد لله كما أمر, وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, على رغم أنف من جحد به وكفر, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي جاء بها نقية لا يزيغ عنها إلا هالك، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

أما بعد:

يقول ربكم جل وعلا في محكم التنزيل: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور:٣٠ - ٣١] فيأمر فيها سبحانه وتعالى المؤمنين والمؤمنات بغض الأبصار, وحفظ الفروج, وما ذلك إلا لعظيم فاحشة الزنا, وما يترتب عليها من الفساد الكبير بين المسلمين؛ ولأن إطلاق البصر من وسائل مرض القلب, ووقوع الفاحشة, وغض البصر من أسباب السلامة من ذلك وأحفظ للفرج، وأزكى للمؤمن في الدنيا والآخرة.

ويخبر جل وعلا أنه خبير بما يصنعه الناس, وأنه لا يخفى عليه خافية, وفي ذلك تحذير للمؤمنين من ركوب ما حرم الله, والإعراض عما شرعه الله له, وتذكير له بأن الله سبحانه وتعالى يراه ويعلم أفعاله الطيبة وغيرها, كما يقول جل وعلا: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر:١٩].

فيا عباد الله: ويا أمة الإسلام! الواجب على المسلم أن يحامي على نسائه وبناته، وعلى أخواته وزوجاته, ولا يغرنه أقوال المنخدعين, وأقوال المنحرفين, وأقوال الضالين: إنه موسوس, إنه منحط, إنه متجمد, يا للأسف الشديد! إنها أقوال قد عدَّها بعض العلماء من نواقض الإسلام التي تدخل صاحبها في الكفر والعياذ بالله.

فالواجب على العبد أن يحذر ربه عز وجل، وأن يستحي منه أن يراه على معصيته، أو يفقده من طاعته التي أوجب عليه ويقول سبحانه وبحمده: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور:٣١] فأمر جل وعلا المؤمنات بغض البصر وحفظ الفروج, كما أمر المؤمنين بذلك؛ صيانة لهن من أسباب الفتنة وتحريض لهن على أسباب العفة والسلامة.

فاحذروا يا عباد الله! احذروا يا أمة الإسلام! احذروا من طلاقة البصر, ومن الخلوة بالنساء, والدخول عليهن بدون محرم؛ لأن ذلك من وسائل الفتنة والفساد, واحذروا من مصافحة المرأة الأجنبية؛ فإنها ليست من المحارم, وفيه وعيد شديد, وقد صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: {ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء}.

اللهم وفقنا لما تحبه وترضاه وجنبنا ما تبغضه وتأباه.

وصلوا على سيدنا ونبينا محمد كما أمرنا الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] ويقول صلى الله عليه وسلم: {من صلَّى علي صلاة، صلَّى الله عليه بها عشراً} اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد, وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي , وعن سائر أصحاب رسولك أجمعين, وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين, وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين.

اللهم أعد للمسلمين مجدهم، اللهم أعد للمسلمين عزتهم، اللهم عزنا بالإسلام, اللهم أذل الشرك والمشركين, ودمّر أعداء الدين, وانصر عبادك الموحدين، اللهم انصر من نصر الإسلام وأهله, واخذل من خذل الإسلام وأهله.

اللهم دمّر اليهود والنصارى والشيوعيين ومن به عداء للإسلام والمسلمين, ومن كان من جلدتهم, وإن كان من جلدتهم, وإن كان ينطق بلهجتهم, اللهم اشدد وطأتك على الكافرين ودمرهم تدميراً يا رب العالمين.

اللهم انصر عبادك الموحدين, واجعل هذا البلد وجميع بلدان المسلمين عامة مطمئنة آمنة يا رب العالمين.

اللهم أرنا الحق حقاًً وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا واهدنا وإياهم لما فيه الصلاح والخير في الدنيا والآخرة، اللهم أصلح أولادنا ونساءنا, اللهم أصلح أولادنا ونساءنا واجعلهم قرة أعين لنا يا رب العالمين.

{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة:٢٠١] {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر:١٠].

عباد الله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل:٩٠ - ٩١] واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم, واشكروه على وافر نعمه يزدكم, ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.