[فضل عمارة المساجد]
أمة الإسلام: لقد أشاد الإسلام بفضل عمارة المساجد، وما تعود به زيارتها على نفوس المؤمنين من أثرٍ فعال، فقد ورد في الأثر أنه مكتوب في التوراة: إن بيوتي في الأرض المساجد، وإنه من توضأ فأحسن وضوءه، ثم زارني في بيتي أكرمته، وحق على المزور إكرام الزائر.
أمة الإسلام: لقد أضاف الله تعالى هذه الزيارة إلى نفسه الكريمة إضافة تشريف وتكريم، ولا غرابة أيها المسلمون! فرسالة المسجد من أعظم رسالات؛ إذ هي الموضحة لأحوال الناس.
وفي زيارة المسلمين للمساجد في اليوم والليلة خمس مرات، يتضح في الظاهر المؤمن من المنافق، وقد ذم الله المنافقين، وأخبر أنهم يخادعون الله وهو خادعهم، وأنهم إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى، مع ذلك فإن ذكر الله شاق عليهم، فألسنتهم قد وافقت قلوبهم بما فيها من النفاق، ولذلك توعدهم بأنهم في الدرك الأسفل من النار.
ما أكثر المنافقين في هذا الزمان! الذين لم يتكاسلوا عن الصلاة فحسب، بل تركوا الصلاة بالكلية، ويزعمون أنهم مسلمون، ويدَّعون الإسلام بالهوية والتابعية، فتباً لهم، وتباً لما ادعوه من الكفر والنفاق.
تارك الصلاة كافر رضي أم سخط، شاء أم أبى.
فالحذر يا عباد الله من ترك الصلاة! والحذر يا عباد الله من مجاورة تارك الصلاة! فإنه فد ورد في الأثر: [[أن تارك الصلاة تنزل عليه كل يوم سبعون لعنة]].
والحذر الحذر من التكاسل عن الصلاة يا عباد الله! فإن الأمر عظيم في أعناقكم يا أمة الإسلام!
ومع الأسف الشديد أن المساجد في الفجر لا يوجد فيها من يبلغ من الخامسة عشر إلا القليل، فأين تلك القطاعات؟ وأين تلك الفئات التي تخرج للمدارس والأعمال؟ أين هم؟
هل هم مختفون تحت الأرض، لا يخرجهم إلا شعاع الشمس؟
أم أنه التهاون بأمر الله عزَّ وجلَّ وتعظيم أمر المخلوق والخوف من المخلوق؟! فهذا هو الواقع، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الأم والأب، والساعة الثالثة، والساعة الرابعة، وساعة الحائط، كل هؤلاء يتعاونون على الولد إذا جاء وقت الدراسة والعمل، أما وقت الصلاة فإن كان الأب فيه ريح إيمان وأراد أن يوقظه، قالت الأم: اتركه، فإنه كان متعباً من المذاكرة، الله أكبر يا عباد الله! الله أكبر يا أمة الإسلام! هل هذا من تأدية حقوق الله؟!
إن المسلمين اليوم في خطر شديد، نكررها ونعيدها، لعلها تصادف قلوباً حية، تخاف من سطوة الله ومن نقمته، فتستيقظ وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.
عباد الله: الحذر من التكاسل عن الصلاة، فإن ذلك من عادة المنافقين.
والبِدار البِدار إلى تقوية الصلة بينكم وبين الخالق جل وعلا، البِِدار إلى أداء الصلوات في بيوت الله، في خشوع وتذلل للخالق جل وعلا، مستشعرين عظمة الله، متجردين من مشاغل الحياة حال الوقوف بين يدي الله، خلِصّوا أنفسكم من أسر الدنيا، وملذاتها، وفرغوا قلوبكم وأسماعكم لتدبر كلام الله عزَّ وجلَّ، الذي لو أنزله الله على صم الجبال لرأيتموها خاشعة تتصدع من خشية الله، فيالله كم من قلوب طالما سيطر عليها مرض الشهوة، واستفحل بها داء الشبهة، فلما سمعت كلام الله ووقع فيها؛ انفتح أمامها طريق الحق والصواب، فصارت تبصر بنور الله جل جلاله.
هذا الفضيل بن عياض: كان لصاً يسرق، فلما تسلق بيت أحد المسلمين ليسرق منه، وإذا هو يتلو قولََ الله جل وعلا: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} [الحديد:١٦] قال: نعم.
آن لها الآن، آن لها الآن، وكف عن سرقته وتاب إلى الله، وصار عالماً من علماء المسلمين.
ومالك بن دينار: نام نومة وهو سكران، ورأى في المنام أمراً عجيباً، وآخر لما سمع قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} [الحديد:١٦] فاستيقظ وهو يرددها، فتاب إلى الله، وصار عالماً من علماء المسلمين.