بادئ ذي بدئ أشهد الله على حبك، فضيلة الشيخ: سؤالي محزنٌ وواقع لكثيرٍ من الناس، وهو كون والدي مقصراً في أمور دينه، ونخشى أن يتوفاه الله وهو على هذه الحال، وعند التفكّر في حاله في القبر وفي عذاب يوم القيامة أكون حزيناً جداً، مع العلم أنني حاولت قدر المستطاع لإرجاعه إلى سبيل الرشاد، ولكن دون فائدة، ما هي نصيحتكم جزاكم الله خيراً؟
الجواب
أحبك الله الذي أحببتنا فيه، وأسأل الله أن يثبتنا وإياك على قول الحق إنه على كل شيء قدير، واعلم يا أخي أن الهداية بيد الله عز وجل، قال الله عز وجل:{إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}[القصص:٥٦] إبراهيم عليه السلام بذل قصارى جهده مع والده، ولم يؤمن أبوه -نسأل الله العافية.
الرسول صلى الله عليه وسلم بذل جهده مع أبي طالب، لأن أبا طالب كان يحوطه ويحميه من أذى المشركين، وتعرفون حالة أبي طالب عند الوفاة لما دنا أجله جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم عند رأسه، وعنده صناديد قريش، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول لـ أبي طالب:{يا عم! قل لا إله إلا الله} كلمة بسيطة، ولكنه لم ينطق بها {يا عم! قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله} فيقول قرناء السوء له: أترغب عن ملة عبد المطلب فيعيد عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم يعيدون عليه، ماذا قال في النهاية؟ قال هو على ملة عبد المطلب ملة الشرك والأوثان، فالرسول قال:{لأستغفرن لك ما لم أنه عنك} فنهاه الله، والله عز وجل أنزل في ذلك آية:{إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}[القصص:٥٦].
أبو طالب كان يحوط الرسول صلى الله عليه وسلم، فقيل:{يا رسول! نفعت عمك بشيء، قال: نعم.
إنه أهون أهل النار عذاباً} أتدرون ما هو أهون أهل النار عذاباً؟ من يلبس نعلين يغلي منهما دماغه، ما يرى أن أهل النار أشد منه عذاباً، فالهداية بيد الله، أنت يا أخي اجتهد، وادع الله لأبيك أن يهديه، فإذا هداه الله، فبها ونعمت، وإلا فأنت والحمد لله ليس عليك شيء.
نسأل الله أن يهدي ضال المسلمين، اللهم اهد ضال المسلمين، اللهم اهد ضال المسلمين، وثبت مهتديهم يا رب العالمين، اللهم صل على محمد.