أيها الغافل! تذكر يوم القيامة وما أدراك ما يوم القيامة؟! إنه يومٌ يقرع القلوب هولاً، يومٌ يكون الناس فيه كالفراش المبثوث، وتكون الجبال فيه كالعهن المنفوش، وتدنو الشمس فيه من رءوس الخلائق، ويشتد الحر ويعظم الهول، ويوم القيامة {تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ}[إبراهيم:٤٨] يوم القيامة تبرز الخلائق لله الواحد القهار، والملائكة محيطة بهم صفاً صفا، إنه يومٌ عظيم، يتناسى فيه الحبيب حبيبه، وتنقطع الأسباب، ويتبرأ الأنساب، ويفر المرء من أخيه، وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه، يوم القيامة يوم يشيب فيه الولدان لشدة هوله، يوم القيامة يومٌ تضع الحوامل فيه حملها، يومٌ تذهل فيه كل مرضعةٍ عما أرضعت، يوم القيامة ما أطوله حيث يقدر بخمسين ألف سنة، هل نسيت ذلك اليوم أيها العاصي حتى تجرأت على محارم الله {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكّاً دَكّاً * وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْأِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى}[الفجر:٢١ - ٢٣] إنه يومٌ عظيم، يجاء بجهنم تقاد بسبعين ألف زمام مع كل زمامٍ سبعون ألف ملكٍ يجرونها، إنها جهنم لها تغيظ وزفير، إذا كنت تعرف جهنم فما الذي أقدمك على معاصي الجبار؟! في ذلك اليوم العظيم يحاسب الله جل وعلا الخلائق ويجزي كلاً بعمله {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيدا}[آل عمران:٣٠] في ذلك اليوم يعطى كل إنسان نتيجته وبينهم تفاوت في ذلك الموقف العظيم؛ منهم المسرور الفرح، ومنهم المظلوم الترح، أما المؤمنون فتبيض وجوههم، وتثقل موازينهم بالحسنات، ويردون حوض نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم.