[على من تنزل العقوبات]
الحمد لله كما أمر، وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا شريك له على رغم من جحد به أو كفر، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيرًا.
أما بعد:
فيا عباد الله: اتقوا الله عز وجل واحذروا عواقب الذنوب والمعاصي، فإنها تجلب النقم وتسلب النعم.
عباد الله: جاء في حديث روته عائشة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: {يكون في آخر هذه الأمة خسف ومسخ وقذف، قالت: قلت: يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم.
إذا كثر الخبث}.
عباد الله: إذا كثر الخبث لا يحول دون عذاب الله شيء، بالرغم من وجود الصالحين والعلماء، وقد وردت أحاديث متعددة بعناوين مختلفة في معنى التواصي بالخير، والمنع عن الشر، وإلا فإن الله سبحانه سوف يغار، إذا انتهك العباد محارمه، وتعدوا الحدود، وسوف يسلط عذاباً من عنده.
عباد الله: روى حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {والذي نفسي بيده! لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث الله عليكم عذاباً من عنده، ثم لتدعنه ولا يستجيب لكم} أجل -يا عباد الله- كيف يشتكي المسلمون من الحوادث والنوازل التي تفاجئهم بين فينة وأخرى، وقد تغيرت أحوالهم وحياتهم رأساً على عقب، بل يجب على المسلمين أن يفكروا إذا نزلت عليهم مصيبة أو فاجعة أنها لم تنزل بهم إلا أنهم كانوا يستحقون ذلك بما كسبت أيديهم.
جاء في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {يبيت قوم من هذه الأمة على طعم وشرب ولهو ولعب، فيصبحون قد مسخوا قردةً وخنازير، وليصيبنهم خسف وقذف حتى يصبح الناس فيقولون: خسف الليلة في بني فلان وخسف الليلة في بني فلان بدار فلان، ولترسلن عليهم حجارةً من السماء كما أرسلت على قوم لوط على قبائل فيها وعلى دور، ولترسلن عليهم الريح العقيم التي أهلكت عاداً على قبائل فيها وعلى دور لشربهم الخمر، ولبسهم الحرير، واتخاذهم القينات، وأكلهم الربا، وقطيعة الرحم} روى هذا الحديث الإمام أحمد والبيهقي وصححه الحاكم.
عباد الله: لا شك في أن هذه هي الأمور التي تسبب الكوارث والنكبات كالزلازل والأعاصير والفيضانات والمجاعات واصطدام القطارات والسيارات والطائرات وغيرها من الحوادث التي تتجدد كل يوم، وكذلك الأمراض والمصائب التي انتشرت في كل مكان، فإنا لله وإنا إليه راجعون!
عباد الله: علينا أن نرجع عما نحن فيه من التقصير، ونقلع عن الذنوب ونتوب إلى الله، فإنه يتوب على من استغفر، ويتوب على من تاب.
عباد الله: اعلموا أنكم ستوقفون بين يدي الله، ويسألكم عما استرعاكم عليه، فأعدوا للسؤال جواباً، وللجواب صواباً، وصلوا على رسول الله امتثالاً لأمر الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] ويقول صلى الله عليه وسلم: {من صلى عليَّ صلاة صلىَّ الله عليه بها عشراً}.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين المهديين، أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر أصحابه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان، بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام، أسألك أن تردنا إليك رداً جميلاً، اللهم ردنا إليك رداً جميلاً، اللهم أعزنا بالإسلام، اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفقنا وإياهم إلى ما تحبه وترضاه، اللهم جنبنا وإياهم ما تبغضه وتأباه، اللهم اجعلنا وإياهم هداة مهتدين، اللهم أرنا وإياهم الحق حقاً، وارزقنا وإياهم اتباعه، وأرنا وإياهم الباطل باطلاً، وارزقنا وإياهم اجتنابه.
اللهم انصر المجاهدين في سبيلك، اللهم انصر المجاهدين في سبيلك، اللهم ثبت أقدامهم وانصرهم على عدوك وعدوهم يا رب العالمين.
اللهم أصلح أولادنا ونساءنا، واجعلهم قرة أعين لنا، اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا واللواط والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلادنا هذه خاصة، وعن جميع بلدان المسلمين عامة يا رب العالمين {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر:١٠].
{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة:٢٠١].
عباد الله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا) [النحل:٩٠ - ٩١] واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على وافر نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.