وأما الأسرى: فإن النبي صلى الله عليه وسلم استشار الصحابة فيهم، وكان سعد بن معاذ قد ساءه أمرهم، وقال:[[كانت أول وقعة أوقعها الله في المشركين، وكان الإثخان في الحرب أحبَّ إليَّ من استبقاء الرجال]] وقال عمر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم: [[أرى أن تمكننا فنضرب أعناقهم، فتمكن علياً من عقيل -أي: أخيه- فيضرب عنقه، وتمكنني من فلان -يقصد: قريباً لـ عمر - فأضرب عنقه؛ فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها]] وقال أبو بكر رضي الله عنه: [[هم بنو العم والعشيرة، وأرى أن تأخذ منهم فدية, فتكون لنا قوة على الكفار، فعسى الله أن يهديهم للإسلام]] فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم الفدية، فكان أكثرهم يفتدي بالمال من أربعة آلاف درهم إلى ألف درهم، ومنهم من افتدى بتعليم صبيان أهل المدينة الكتابة والقراءة، ومنهم من كان فداؤه إطلاق أسير عند قريش من المسلمين، ومنهم من قتله النبي صلى الله عليه وسلم لشدة أذيته للمسلمين، ومنهم مَن مَنَّ عليه بدون فداء للمصلحة.
هذه غزوة بدر يا أمة الإسلام! انتصرت فيها فئة قليلة على فئة كثيرة {فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ}[آل عمران:١٣] انتصرت الفئة القليلة؛ لأنها قائمة بدين الله، تقاتل لإعلاء كلمة الله, لا للوطنية، ولا للشعبية، ولا للعروبة، ولا ولا؛ تقاتل لإعلاء كلمة الله، لم تستعن بأحد من الأجانب، إنما استعانت بالله الحي القيوم، فنصرهم الله على أعدائهم.
اللهم انصر الإسلام والمسلمين عاجلاً غير آجل، يا حي يا قيوم.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه يغفر لكم، إنه هو الغفور الرحيم.