الحمد لله القوي العظيم، الرقيب الشهيد، يدبر خلقه كما يشاء بحكمته، فهو الفعال لما يريد، أحكم ما شرع، وأتقن ما صنع، فهو الولي الحميد، حد لعباده حدوداً، ونظم لهم تنظيماً وقال:{وأنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}[الأنعام:١٥٣] فصار الناس على أقسام: (فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ)[فاطر:٣٢]{إن الله ليُملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته}{وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}[هود:١٠٢].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك، هو الملك الواحد القهار، فلا ضد له ولا نديد، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، القائم بأمر الله، الناصح لعباد الله على الرشد والتسديد.
صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فيا أيها الناس اتقوا الله عزَّ وجلَّ، واصغوا أسماعكم إلى نداء رب العالمين، حيث يقول بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ}[لقمان:٣٣].
ويقول جَلَّ مِن قائلٍ عليماً:{وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}[البقرة:٢٨١].
ويقول جلَّ وعلا:(وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)[الأنفال:٢٥].
أمة الإسلام: لا تغرنكم الحياة الدنيا، ولا يغرنكم بالله الغرور، لا تغرنكم الأموال وكثرتها، ولا تغرنكم الزخارف والأماني الخدّاعة، لا يغرنكم رغد العيش ونظارة الدنيا وزهرتها، لا يغرنكم ما أنعم الله به عليكم من العافية والأمان، ولا يغرنكم إمهاله لكم مع تقصيركم في الواجب، وتماديكم بالعصيان.
إن اغتراركم بهذا من الأماني الباطلة، والآمال الكاذبة هو كما قال تعالى:{فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ}[الأعراف:٩٩].