[رؤيا فرعون وموقفه من بني إسرائيل]
الحمد لله رب العالمين الذي أوجد جميع الكائنات بقدرته, وقهرها بقوته, أحمده سبحانه وأستغفره, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخيرته من جميع بريئته ابتعثه الله رحمة لمن آمن به وأجاب دعوته, وحجةً على من أعرض عما جاء به وقطعاً لمعذرته, اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه وذريته ومن اقتفى أثره واتبع سنته.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله عَزَّ وَجَلّ.
عباد الله: ودعتم عاما ًمضى وقد ظهر لكم ما فيه من العبر, وتستقبلون عاماً جديداً، الله أعلم ما أنتم فاعلون فيه, فإن الله سطر أعمالكم في اللوح المحفوظ قبل أن يخلقكم, فتستقبلون عاماً جديداً وشهراً مفضلاً حميداً أضافه نبيكم صلى الله عليه وسلم إلى الله وعظمته فقال: {أفضل الصوم بعد شهر رمضان شهر الله الذي تدعونه المحرم}.
عباد الله: هذا شهر الله المحرم لقد وقع فيه نصرةٌ عظيمة لنبي من أنبياء الله ورسله وهو أحد أولى العزم من رسل الله إنه موسى عليه السلام, وكما مر عليكم في شهر ذي الحجة أن الله نصر إبراهيم عليه السلام وهو أمة واحدة، أيده الله ونصره, وقواه على إزالة المنكرات, وهدم الأوثان ومحق الأصنام, وكل ذلك بقدرة الله عز وجل.
وهذا موسى عليه السلام ذكر السدي عن أبي صالح وأبي مالك عن ابن عباس رضي الله عنهما، وعن مرة بن مسعود رضي الله عنه: [[أن فرعون رأى في منامه كأن ناراً قدمت من نحو بيت المقدس فأحرقت دور مصر وجميع القبط ولم تضر بني إسرائيل -هكذا رأى فرعون هذه الرؤيا- فلما استيقظ هاله ذلك, فجمع الكهنة والحذقة والسحرة وسألهم عن ذلك, فقالوا: هذا غلام يولد من هؤلاء يكون سبب هلاك أهل مصر على يده, ويكون ذهاب ملكك على يديه أيضاً, وقد أظلك زمانه الذي يولد فيه, فلهذا أمر الطاغية فرعون -لعنه الله- بقتل الغلمان وترك النسوان]].
والمقصود: أن فرعون احترز كل الاحتراز ألا يوجد هذا الغلام وهو موسى عليه السلام, ولكن قدرة الله تغلب كل شيء, حتى جعل فرعون -لعنه الله- رجالاً وقوابل يدورون على الحبالى ويعلمون ميقات وضعهن فلا تلد امرأة ذكراً إلا ذبحه أولئك الذباحون من ساعته, حذراً من أن يوجد هذا الغلام موسى عليه السلام.