للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[دعوة إلى التوبة النصوح]

أختي في الله! ماذا بقي بعد هذه الكلمات التي فيها التحذير من أعداء الإسلام، فأوصيك بالبدار بالتوبة النصوح إلى الله عز وجل، واعلمي أيتها الأخت في الله أن الإنسان مهما عاش في هذه الحياة الدنيا فإنه سوف ينتقل منها على رغم أنفه، وسوف يهجم عليه هادم اللذات، ومفرق الجماعات، فيأخذه من قصره ومنزله، ومن بين أهله وأولاده وأقاربه، ثم ينطرح جثة هامدة لا حراك فيها ولا إحساس، فماذا يأخذ معه أختي في الله؟ بالله عليك تذكري ماذا ستأخذين من هذه الدنيا؟ لمن تأخذي إلا ما عملت في هذه الدنيا، فإن كان العمل صالحاً فهنيئاً لك في روضة من رياض الجنة، وإن كان العمل خبيثاً فالأمر بعكس ذلك حفرة من حفر النار، نعوذ بالله من النار.

أيتها الأخت في الله! اعلمي أن التوبة إذا صحت بأن اجتمعت شروطها، وانتفت موانعها قبلت إن شاء الله، وإذا وقعت قبل نزول الموت وقبل طلوع الشمس من مغربها، فإن الله جل وعلا يقبل توبة التائبين.

اللهم ارزقنا توبة نصوحاً.

الله أكبر! أختي في الله! لا يمكن للإنسان -ذكراً أو أنثى- التوبة إذا نزل به هادم اللذات، يقول الرب جل وعلا: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون:٩٩ - ١٠٠] بالله عليك -أختي في الله- هل يجاب على هذا المطلب؟ لا والله، يقول الرب جل وعلا: {كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون:١٠٠].

فيا أختي في الله! بادري بالتوبة يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: {إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر} أي: ما لم تبلغ روحه حلقومه، فهذه الحالة حالة حضور الموت، فبعد حضور الموت لا يقبل من العاصين توبة، ولا من الكافرين رجوع، فقبول التوبة يرجى بإذن الله تعالى للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب قبل أن تنقطع الآمال، وتحضر الآجال، وتساق الأرواح سوقا، ويغلب المرء على نفسه، قال الرب جل جلاله: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً} [النساء:١٧].

أما الذين يستمرون على المعاصي والسيئات، ويتمادون في غيهم، فقد أخبر الله عن أحوالهم عندما ينزل بهم الموت، قال الله جل جلاله: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} [النساء:١٨].