فكأنه تأويل عام لـ (أنى) مجردة، والسياق الذي هي فيه يحدد أي الجهات؛ فإن كان السياق في الزمن: فمعنى أنى: متى؟، وإن كان السياق في الأمكنة فتأويل أنى: من أين؟، وإن كان السياق في الأحوال فتأويل أنى: كيف؟، وبهذا يمكن الجمع بين القولين، وهورأي شيخ ابن الجوزي كما تقدم.
ففي الوجه الأول: أن (أنى): بمعنى (متى).
مثل ابن الجوزي لهذا الوجه بقوله تعالى: {أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا} [البقرة: ٢٥٩].
وتقدم ذكر من قال بالوجه ومن قال أن (أنى) بمعنى كيف، وعلى هذا فالوجه صحيح ومأخذه السياق القرآني.
الوجه الثاني: بمعنى (كيف).
ومثل ابن الجوزي لهذا الوجه بآيتين:
الآية الأولى: قوله تعالى: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: ٢٢٣].
وفي هذه الآية تعددت أقوال السلف في تفسير (أنى) بين كيف، ومتى، ومن أين، ومهما تنوعت تفاسيرهم لها فإنهم يلتزمون باشتراط أن يكون الإتيان في مكان الحرث فيكون تفسيرهم لـ (أنى) من قبيل المشترك اللفظي.
الآية الثانية: قوله تعالى: {أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ} [آل عمران: ٤٧].
وتقدم ذكر من قال به من المفسرين.
وعليه فالوجه صحيح ومأخذه السياق القرآني.
الوجه الثالث: بمعنى (من أين).
ومثل ابن الجوزي لهذا الوجه بآيتين:
الآية الأولى: قوله تعالى: {يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا} [آل عمران: ٣٧].
وتقدم ذكر من قال به من السلف والمفسرين.
الآية الثانية: قوله تعالى: {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [براءة: ٣٠].
وتقدم ذكر من قال به المفسرين.