للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حيَّان، وابن كثير (١).

وللسلف في الآية أقوال أخر هي:

أن السفهاء في الآية هم: الصبيان خاصة، وقال به أبو موسى الأشعري، وابن عباس، وابن زيد، وأبو مالك غزوان الغفاري.

أن السفهاء في الآية: النساء خاصة، وقال به ابن عمر، مجاهد، والحسن، والضحاك. (٢)

أن السفهاء في الآية: اليتامى، وقال به سعيد بن المسيب.

أن السفهاء في الآية: الخدم، وقال به أبو هريرة. (٣)

وليس هناك تعارض بين هذه الأقوال، بل هي كلها أمثلة فسر بها السلف الآية، قال ابن جرير في ترجيح عموم هذه الأقوال وغيرها في تفسير هذه الآية:

«قال أبو جعفر: والصواب من القول في تأويل ذلك عندنا، أن الله جل ثناؤه عم بقوله: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: ٥]، فلم يخصص سفيها دون سفيه، فغير جائز لأحد أن يؤتي سفيها ماله، صبيا صغيرا كان، أو رجلا كبيرا ذكرا كان أو أنثى، والسفيه الذي لا يجوز لوليه أن يؤتيه ماله هو المستحق الحجرَ بتضييعه ماله، وفساده وإفساده وسوء تدبيره ذلك.

وإنما قلنا ما قلنا، من أن المعني بقوله: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: ٥]، هو من وصفنا دون غيره، لأن الله - جل ثناؤه - قال في الآية التي تتلوها {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ}، [النساء: ٦]، فأمر أولياء اليتامى بدفع أموالهم إليهم إذا بلغوا النكاح، وأونس منهم الرشد، وقد يدخل في اليتامى الذكور والإناث، فلم يخصص بالأمر بدفع مالهم من الأموال الذكور دون الإناث ولا الإناث دون الذكور، وإذا كان ذلك كذلك، فمعلوم أن الذين أمر أولياؤهم بدفعهم أموالهم إليهم وأجيز للمسلمين مبايعتهم


(١) معاني القرآن للفراء ١/ ٢٥٦. معاني القرآن وإعرابه ٢/ ١٣. معاني القرآن للنحاس ٢/ ١٨. معالم التنزيل ص ٢٧٣. الكشاف ١/ ٥٠٢. المحرر الوجيز ٢/ ٩. الجامع لأحكام القرآن ٢/ ٥. البحر المحيط ٣/ ٥١٥. تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٢/ ١٩٢.
(٢) جامع البيان ٤/ ٣٠٦.
(٣) تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم ٣/ ٨٦٣.

<<  <   >  >>