للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومعاملتهم، غير الذين أمر أولياؤهم بمنعهم أموالهم، وحظر على المسلمين مداينتهم ومعاملتهم، فإذا كان ذلك كذلك، فبين أن السفهاء الذين نهى الله المؤمنين أن يؤتوهم أموالهم، هم المستحقون الحجر، والمستوجبون أن يولى عليهم أموالهم، وهم من وصفنا صفتهم قبل، وأن من عدا ذلك فغير سفيه لأن الحجر لا يستحقه من قد بلغ، وأونس رشده» (١).

تنبيه:

ضعّف ابن جرير قول ابن عمر، ومجاهد، والحسن، والضحاك. بأن السفهاء في الآية: النساء؛ فقال: «وأما قول من قال عنى بالسفهاء النساء خاصة، فإنه جعل اللغة على غير وجهها، وذلك أن العرب لا تكاد تجمع فَعَيلا على فُعَلاء إلا في جمع الذكور أو الذكور والإناث، وأما إذا أرادوا جمع الإناث خاصة، لا ذكران معهم جمعوه على فَعَائل وفَعِيلات، مثل غَرِيبة تجمع غَرَائب، وغَرِيبات فأما الغُرَباء؛ فجمع غَرِيب» (٢).

وتبعه في هذا النَّحَّاس، وابن عطية، والقرطبي (٣).

ومعلوم أن أولئك السلف، لم يفسروا كتاب الله تعالى على خلاف اللغة العربية، وأنى لمثلهم أن يخطئ الفصحى، ويستدرك عليه من بعده.

قال أبو إسحاق الزَّجَّاج في تصحيح مذهب السلف: « .. وقال بعضهم: السفهاء اليتامى، والسفهاء: يدل على أنه لا يعني به النساء وحدهن، لأن النساء أكثر مايستعمل فيهنَّ جمع سفيهة، وهو: سفائه، ويجوز: سُفَهَاء كما يقال: فقيرة، وفقراء» (٤).

وقال أبو حيَّان: بعد عرضه لرد ابن عطية لقول السلف هذا: «ونقلوا أن العرب جمعت سَفِيهة على سُفَهَاء، فهذا اللفظ قد قالته العرب للمؤنث، فلا يضعف قول مجاهد» (٥).

ويتبين مماتقدم صحة الوجه في معنى الآية، ومأخذه التفسير بالمثال لأن النساء والصبيان أمثلة من السفه المراد، وإلا فهو أعم كما تعددت الأمثلة عند السلف فيما تقدم.


(١) جامع البيان ٤/ ٣٠٦.
(٢) جامع البيان ٤/ ٣١٠.
(٣) إعراب القرآن للنحاس ١/ ٢٠٠. المحرر الوجيز ٢/ ٩. الجامع لأحكام القرآن.
(٤) معاني القرآن وإعرابه ٢/ ١٣.
(٥) البحر المحيط ٣/ ٥١٥.

<<  <   >  >>