(إِذا أُفِنَتْ أرْوَى عيالَكِ أفْنُها ... وَإِن حُيِّنَتْ أرْبَى على الوطب حِينُها)
قَالَ أَبُو بكر: هَذَا الشَّاعِر خَاطب امْرَأَة فَقَالَ: هَذِه الْإِبِل إِذا أفنت أرْوَى عيالَك لبنُها، وَإِن حُيِّنت، أَي حُلبت مرّة وَاحِدَة الحَيْنة أَن يَأْكُل فِي الْيَوْم مرّة وَاحِدَة وَالْأَصْل فِي زَاد على الوطب لَبنهَا.
والحِلْس: مَا طُرح على ظهر الدابّة نَحْو البَرْذَعة وَمَا أشبههَا، ثمَّ قيل للفارس الَّذِي لَا يُفَارق ظهرَ فرسه: حِلْس. وَقَالُوا: بَنو فلَان أحلاس الْخَيل.
والصَّبْر: الحَبْس، ثمَّ قَالُوا: قُتل فلَان صبرا، أَي حُبس حَتَّى قُتل. وَفِي الحَدِيث: اقْتُلُوا القاتلَ واصبِروا الصابرَ، وأصل ذَلِك أَن رجلا أمسك رَجُلاً رَجُل حَتَّى قَتله فحُكم أَن يُقتل الْقَاتِل ويُحبس الممسِك.
والبَسْر أَصله أَن تلقَّح النَّخْلَة قبل أوانها، وبَسَرَ الناقةَ الفحلُ قَبْلَ ضَبْعَتها، ثمَّ قيل: لَا تَبْسُرْ حاجتَك، أَي لَا تطلبها من غير وَجههَا.
والحَجّ: قصدك الشيءَ وتجريدك نفسَك لَهُ، ثمَّ سُمّي قصد الْبَيْت حَجَّا. قَالَ الشَّاعِر:)
(فَهُمْ أهَلاتٌ حولَ قيس بن عاصمٍ ... يَحُجّون سِبَّ الزِّبْرِقان المزعفَرا)
قَوْله أهَلات: جماعات، والسِّبّ: العِمامة، والزِّبْرِقان هُوَ ابْن بدر البَهْدَلي من بني سعد، وَكَانَ سَادَات الْعَرَب يصبغون عمائمهم بالزعفران.
(بَاب مَا اتّفق عَلَيْهِ أَبُو زيد وَأَبُو عُبيدة مِمَّا تكلّمت بِهِ الْعَرَب من فعلتُ وأفعلتُ وَكَانَ)
الْأَصْمَعِي يشدّد فِيهِ وَلَا يُجِيز أَكْثَره قَالَ أَبُو زيد: يُقَال: بانَ لي الأمرُ وأبانَ.
ونالَ أَن أفعل كَذَا وَكَذَا وأنالَ، أَي حَان.
وآن لَك أَن تفعل كَذَا وَكَذَا وَأَنا لَك.
ونارَ لي الأمرُ وأنارَ.
وعاضَه خيرا وأعاضه وعوَّضه.
وَقد بَدَأ وأبدأَ. وَأنْشد أَبُو عُبيدة: الْحَمد للهّ المُعيد المُبْلي وَأنْشد أَبُو عُبَيْدَة أَيْضا: وأطعُنُهم بادئاً عَائِدًا وَيُقَال: رَمى على الْخمسين وأرمَى، ورَبا وأربَى، إِذا زَاد عَلَيْهَا.
ووَفى وأوفَى، أجَازه الْأَصْمَعِي. وَأنْشد أَبُو عُبيدة لدُريد بن الصِّمّة:
(وفَاءٌ مَا مُعَيَّةُ مِن أَبِيه ... لِمن أوفَى بعهدٍ أَو بعَقْدٍ)
والمثل السائر: لم أرَ كَالْيَوْمِ قفاوافٍ.
وغَسِيَ الليلُ وغَسى وأغسَى وغسا يغسو لم يتكلّم فِيهِ الْأَصْمَعِي. وَأنْشد:
(كأنّ الليلَ لَا يَغْسَى عَلَيْهِ ... إِذا زَجَرَ السبَنْدأةَ الأَمُونا)
فَهَذَا من غَسِيَ يَغْسَى. وَأنْشد:
(فلمّا غَسا ليلِي وأيقنتُ أَنَّهَا ... هِيَ الأرَبَى جَاءَت بأُمّ حَبَوْكَرَا)
وَهَذَا من غَسا يَغسو، وَقَالُوا يَغسي، ويَغسو أَعلَى. وَأنْشد: ومرِّ أيامٍ وليل مُغْسي ورَسى وأرسَى، إِذا ثَبت، وَقد قَالُوا جبل راسٍ، وَلم يقل أحد مُرْسٍ.)
ورغا اللبنُ وأرغَى.
وسَرى وأسرَى لم يتكلّم فِيهِ الْأَصْمَعِي لِأَنَّهُ فِي