(الْحُرُوف المذلقة)
أما المذلقة من الْحُرُوف فَهِيَ سِتَّة وَلها جِنْسَانِ: جنس الشّفة، وَهِي الْفَاء وَالْمِيم وَالْبَاء؛ لَا عمل للسان فِي هَذِه الأحرف الثَّلَاثَة، وَإِنَّمَا عملهن فِي التقاء الشفتين، وأسفلهن الْفَاء ثمَّ الْبَاء ثمَّ الْمِيم. وَالْجِنْس الثَّانِي من المذلقة بَين أسلة اللِّسَان إِلَى مقدم الْغَار الْأَعْلَى، وَهِي: الرَّاء وَالنُّون وَاللَّام، وَهن ممتزجات بِصَوْت الغنة لِأَن الغنة صَوت من أصوات الخيشوم، والخيشوم مركب فَوق الْغَار الْأَعْلَى وَإِلَيْهِ يسموا هَذَا الصَّوْت. وَسمعت الأشنانداني يَقُول: سَمِعت الْأَخْفَش يَقُول: سميت الْحُرُوف مذلقة لِأَن عَملهَا فِي طرف اللِّسَان، وطرف كل شَيْء ذلقه، وَهِي أخف الْحُرُوف وأحسنها امتزاجا بغَيْرهَا، وَسميت الْأُخَر مصمتة لِأَنَّهَا أصمتت أَن تخْتَص بِالْبِنَاءِ إِذا كثرت حُرُوفه لاعتياصها على اللِّسَان. وَأما الْحَرْف التَّاسِع وَالْعشْرُونَ فجرس بِلَا صرف، يُرِيد أَنه سكان لَا يتَصَرَّف فِي الْإِعْرَاب، وَهُوَ الْألف الساكنة، وَذَلِكَ أَنه لَا يكون إِلَّا سَاكِنا أبدا، فَمن أجل ذَلِك لم يبدأوا بِهِ، فَإِذا احتجت أَن تحركه تحوله إِلَى لفظ أحد الْحُرُوف المعتلات: الْيَاء وَالْوَاو والهمزة، فنم ثمَّ لم يعد فِي الْحُرُوف الْمُعْجَمَة حِين وجدوه رَاجعا إِلَى الثَّمَانِية وَالْعِشْرين، فَإِن اللِّسَان مُمْتَنع من أَن يَبْتَدِئ بساكن أَو يقف على متحرك، فَإِذا كَانَت كلمة أَولهَا ألف صَارَت همزَة لحركتها وانتقالها إِلَى حَال الْهمزَة، فَلذَلِك قَالُوا فِي الْألف مَا قَالُوا. وَمن جنس الْفَم أَيْضا مَا مخرجه إِلَى الْهَوَاء من الشفتين: الْوَاو وَالْيَاء، وهما إِلَى التَّثْنِيَة الْيُمْنَى. وَهَذِه جملَة مخارج الْحُرُوف وأجناسها، وَأَنا مُبين لَك بعد هَذَا وُجُوه ائتلافها إِن شَاءَ الله. وَقد فسر النحويون مخارج الْحُرُوف وأجناسها تَفْسِيرا آخر، وَقد أثْبته لَك وَإِن كَانَ فِيهِ طول لتقف على ألقاب الْحُرُوف ومخارجها.
(بَاب مخارج الْحُرُوف وأجناسها)
ذكر قوم من النَّحْوِيين أَن هَذِه التِّسْعَة وَالْعِشْرين حرفا لَهَا سِتَّة عشر مجْرى، للحلق مِنْهَا ثَلَاثَة، فأقصاها الْهَاء وَهِي أُخْت الْهمزَة وَالْألف، وَالثَّانِي الْعين والحاء، وَالثَّالِث، وَهُوَ أدناها إِلَى الْفَم، الْغَيْن وَالْخَاء، فَهَذِهِ ثَلَاثَة مجار. ثمَّ حُرُوف الْفَم، فأدناها إِلَى الْحلق الْقَاف ثمَّ الْكَاف أَسْفَل مِنْهَا قَلِيلا، ثمَّ الْجِيم والشين من اللهاة، وَالْيَاء من وسط اللِّسَان بَينه وَبَين مَا حاذاه من الحنك الْأَعْلَى، ثمَّ السِّين وَالصَّاد وَالزَّاي بِجنب اللِّسَان الْأَيْمن من أصُول الأضراس إِلَى أصُول الثنايا الْعليا، ثمَّ النُّون تَحت حافة اللِّسَان الْيُمْنَى، وَاللَّام قريبَة من ذَلِك، وَالرَّاء، إِلَّا أَن الرَّاء أَدخل مِنْهُ بِطرف اللِّسَان فِي الْفَم؛ ثمَّ التَّاء وَالدَّال والطاء من طرف اللِّسَان وأصول الثنايا، ثمَّ الْفَاء وَهِي من بَاطِن الشّفة السُّفْلى وأطراف الثنايا الْعليا، ثمَّ الْوَاو وَالْبَاء وَالْمِيم، وَهِي من بَين الشفتين، ثمَّ النُّون الْخَفِيفَة، وَهِي من الخياشيم لَا عمل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute