ما بيده، فشرع في مصادرات التجّار والكتّاب وسلّط الجند على العامّة، وتفرّغ لأذى الخلق؛ فهرب أعين بغداد وانقطع الجلب، فخربت وتخلخل أمرها. وفيها قدم معزّ الدولة أحمد بن بويه الى بغداد بعد أمور صدرت، وخلع عليه المستكفى ولقّبه" معزّ الدولة"، ولقّب أخاه عليّا" عماد الدولة"، وأخاه الحسن" ركن الدولة"، وضربت ألقابهم على السّكّة. ثم ظهر ابن شيرزاد واجتمع بمعزّ الدولة. ومعزّ الدولة المذكور هو أوّل من ملك من الديلم من بنى بويه، وهو أوّل من وضع السّعاة ببغداد ليجعلهم رسلا بينه وبين أخيه ركن الدولة الى الرىّ. وكان له ساعيان: فضل ومرعوش، وكان كلّ واحد [منهما «١» ] يمشى في اليوم ستة وثلاثين فرسخا، فضرى «٢» بذلك شباب بغداد وانهمكوا فيه، حتى نجب منهم عدّة سعاة. وفيها خلع المستكفى من الخلافة وسمل، خلعه معزّ الدولة أحمد بن بويه الديلمىّ. وسببه أنه لمّا كان أوّل جمادى الآخرة دخل معزّ الدولة على الخليفة المستكفى فوقف والناس وقوف على مراتبهم، فتقدّم اثنان من الديلم فطلبا من الخليفة الرزق، فمدّ يده إليهما ظنّا منه أنّهما يريدان تقبيلها؛ فجذباه من السرير وطرحاه الى الأرض وجرّاه بعمامته. ثم هجم الديلم على دار الخلافة، وعلى الحرم ونهبوا وقبضوا على القهرمانة «٣» وخواصّ الخليفة. ومضى معزّ الدولة الى منزله. وساقوا المستكفى ماشيا إليه، ولم يبق بدار الخلافة شىء إلّا نهب.