وخلع المستكفى وسملت عيناه. وكانت خلافته سنة وأربعة أشهر ويومين. وتوفّى بعد ذلك في سنة ثمان وثلاثين وثلثمائة، وعمره ستّ وأربعون سنة. على ما يأتى ذكره في محلّه.
وهذا ثالث خليفة خلع وسمل كما بشّر به القاهر لمّا خلع المتّقى وسمل؛ فإنّه قال:
بقينا اثنين ولا بدّ لنا من ثالث. وقد تقدّم ذكر ذلك عند خلع المتّقى. ثم أحضر معزّ الدولة أبا القاسم الفضل بن المقتدر جعفر وبايعه بالخلافة ولقّبه بالمطيع لله، وسنّه يومئذ أربع وثلاثون سنة. ثم قدّموا ابن عمّه المستكفى المذكور فسلّم عليه بالخلافة وأشهد على نفسه بالخلع؛ وذلك قبل أن يسمل. ثم صادر المطيع خواصّ المستكفى وأخذ منهم أموالا كثيرة. وقرّر له معزّ الدولة في كلّ يوم مائة دينار. وفيها عظم الغلاء ببغداد في شعبان وأكلوا الجيف والرّوث وماتوا على الطّرق، وأكلت الأكلب لحومهم، وبيع العقار بالرّغفان، ووجدت الصغار مشويّة مع المساكين، وهرب الناس إلى البصرة وواسط فمات خلق في الطّرقات. وذكر ابن الجوزىّ أنّه اشترى لمعزّ الدولة كرّ دقيق بعشرين ألف درهم. قلت: والكرّ: سبعة «١» عشر قنطارا بالدّمشقىّ، لأن الكرّ: أربعة وثلاثون كارة، والكارة: خمسون رطلا بالدمشقىّ. وفيها وقّع بين معزّ الدولة أحمد بن بويه وبين ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان التّغلبىّ؛ وجاء فنزل سامرّا؛ فخرج إليه معزّ الدولة ومعه الخليفة المطيع لله في شعبان، وابتدأت الحروب بينهم بعكبرا «٢» . وكان معزّ الدولة قد تغيّر على «٣» ابن شيرزاد واستخانه فى الأموال. فلما وقع القتال جاء ناصر الدولة فنزل بغداد من الجانب الشرقىّ وملكها؛ وجاء معزّ الدولة ومعه المطيع كالأسير فنزل في الجانب الغربىّ، ثم