للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عالما أخباريّا محدّثا، كان يرتجل الخطب ويخطب بها. وفيها توفّى «١» محمد بن أحمد بن يوسف أبو الطيّب المقرئ، ويعرف بغلام ابن شنّبود- وقد تقدّم ذكر ابن شنبود في محلّه- كان إماما عارفا بالقراءات زاهدا. وفيها توفّى عبد الله «٢» ابن إسماعيل بن إبراهيم بن عيسى بن الخليفة أبى جعفر المنصور الخطيب أبو جعفر الهاشمىّ العباسىّ خطيب جامع المنصور وابن خطيبه؛ كان عالى النسب من بنى العبّاس، كان في طبقة هارون الواثق في علوّ النسب. وفيها توفّى القاضى أبو السائب عتبة بن عبيد الله بن موسى الهمذانى، مولده بهمذان في سنة أربع وستين ومائتين، وكان أبوه تاجرا؛ ولى قضاء أذربيجان ثم قضاء همذان ثم آل به الأمر الى أن تقلّد قضاء القضاة؛ وكان إماما عالما، غلب عليه الزهد وسافر ولقى الجنيد في سفره وأخذ عنه؛ ثم تفقّه بجماعة من العلماء، وكان عالما فاضلا.

وفيها توفّى الأمير فاتك الإخشيذىّ المجنون أبو شجاع، وكان أكبر مماليك الإخشيذ، وولى إمرة دمشق، وكان فارسا شجاعا؛ كان رومىّ الجنس، وكان رفيقا للأستاذ كافور الإخشيذىّ. فلما صار كافور مدبّر مملكة أولاد الإخشيذ وعظم أمره، أنف فاتك هذا من المقام بمصر كيلا يكون كافور أعلى مرتبة منه، فانتقل من مصر الى إقطاعه وهو بلاد الفيّوم؛ وكان كافور يخافه ويكرهه؛ فلم يصحّ مزاج فاتك بالفيّوم ومرض وعاد إلى مصر فمات بها. وكان فاتك المذكور كريما جوادا. ولما قدم المتنبىّ إلى مصر سمع بعظمة فاتك وتكرّمه، فلم يجسر أن يمدحه خوفا من كافور.

وكان فاتك يراسله بالسلام ويسأل عنه. فاتفق اجتماعهما يوما بالصحراء، وجرت بينهما مفاوضات. فلما رجع فاتك إلى داره بعث إلى المتنبىّ هديّة قيمتها ألف دينار،