ثم أتبعها بهدايا أخر. فاستأذن المتنبّى كافورا في مدحه فأذن له؛ فمدحه بقصيدته التى أوّلها:
لا خيل عندك تهديها ولا مال ... فليسعد النطق إن لم تسعد الحال
ويأتى شىء من ذكر فاتك أيضا في ترجمة كافور إن شاء الله تعالى. ولما مات فاتك رثاه المتنبى أيضا. وفيها توفّى أبو وهب «١» الزاهد أحد المشهورين بالأندلس.
قال أبو جعفر أحمد [بن «٢» ] عون الله [بن حدير «٣» ] : سمعت أبا وهب يقول: «والله لا عانق الأبكار في جنّات النعيم والناس في الحساب إلّا من عانق الذلّ، وضاجع الصّبر، وخرج منها كما دخل فيها» . وفيها توفّى الناصر لدين الله أبو المطرّف صاحب الأندلس الملقّب بأمير المؤمنين؛ واسمه عبد الرّحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرّحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرّحمن الداخل، المقدّم ذكره، ابن معاوية، الأموىّ المروانىّ ثم الأندلسىّ؛ ولى الأمر بعد جدّه؛ وكان ذلك من غرائب الوجود لأنّه كان شابّا وبالحضرة أكابر من أعمامه وأعمام أبيه؛ وتقدّم هو وهو ابن اثنتين وعشرين سنة. فاستقام له الأمر وبنى مدينة الزّهراء- وقد ذكرنا أمر بنائها في محلّه- ومات في هذه السنة. وكانت مدّة أيّامه خمسين سنة، وكان من أجلّ ملوك الأندلس.
أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم خمس أذرع وأربع عشرة إصبعا.