قالوا: أمر الأستاذ أن يحمل مركبه كلّه إليك، فأدخلته دارى؛ وكانت قيمته تزيد على خمسة عشر ألف دينار. وراوى هذه الحكاية مسلم بن عبيد الله المذكور من صالحى الأشراف.
ووقع له حكاية غريبة نذكرها في ضمن هذه الترجمة، ثمّ نعود إلى ما نحن فيه من ترجمة كافور، وهى «١» أنّه كان لمسلم بن عبيد الله المذكور غلام قد ربّاه من أحسن الغلمان، فرآه بعض القوّاد فبعث إليه ألف دينار مع رجل، وقال له: اشتر لى منه هذا الغلام؛ قال الرجل: فوافيته- يعنى الشريف مسلم ابن عبيد الله- فى الحمّام ورأيت الغلام عريانا فرأيت منظرا حسنا؛ فقلت فى نفسى: لا شكّ أنّ الشريف لا يفوته هذا الغلام، وأدّيت الرسالة؛ فقال الشريف ما دفع فيه «٢» هذا الثمن إلّا وهو يريد [أن «٣» ] يعصى الله فيه، ارجع إليه بماله فلا أبيعه.
فعدت إليه وأخبرته ونمت تلك الليلة، فرأيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم في المنام، فسلّمت عليه فما ردّ علىّ، وقال: ظننت في ولدى مسلم الخنا مع الغلام امض إليه واسأله أن يجعلك في حلّ. فلما طلع الفجر مضيت إليه وأخبرته وبكيت وقبّلت يديه ورجليه وسألته أن يجعلنى في حلّ؛ فبكى وقال: أنت في حلّ والغلام حرّ لوجه الله تعالى.
وأمّا كافور فإنّه لمّا صار قبل سلطنته مدبّر الممالك المصرية وعظم أمره أنف من ذلك خشداشه «٤» الأمير أبو شجاع فاتك الرومىّ الإخشيذىّ المقدّم ذكره في سنة نيّف وخمسين وثلثمائة. وكان فاتك يعرف بالمجنون، وكان الإخشيذ قد اشترى